في سياق ضغط اجتماعي متزايد وتنامٍ لظاهرة الكلاب والقطط الضالة داخل المدن المغربية، كشفت وزارة الداخلية عن تقدم مهم في تنفيذ البرنامج الوطني لإنجاز مراكز مجهزة لجمع وإيواء الحيوانات الضالة وفق المعايير الدولية، وهو مشروع ضخم رصد له غلاف مالي يناهز 260 مليون درهم موزعة على خمس سنوات.
الوزير عبد الوافي لفتيت أوضح، في جواب كتابي بمجلس النواب، أن البرنامج قطع أشواطا ملموسة، حيث تمت برمجة أكثر من 20 مركزا إلى حدود نهاية أكتوبر الماضي، من بينها مركز جهوي بجماعة عامر الذي بدأ فعليا تقديم خدماته. أشغال الإنشاء بلغت مراحل متقدمة في عدة مدن، إذ وصلت نسبة الإنجاز إلى 95٪ في كل من الدار البيضاء وطنجة ومراكش وأكادير ووجدة، بينما ما تزال في حدود 30٪ بإفران وسيدي سليمان.
كما جرى تمويل 10 محاجز جديدة بالقنيطرة والرشيدية والخميسات والنواصر والمضيق الفنيدق والداخلة والعرائش وتنغير وسيدي قاسم، إضافة إلى ستة مشاريع أخرى في طور الدراسة بكل من فاس وشيشاوة والفحص أنجرة وطانطان وتارودانت، ما يعكس اتجاها نحو تغطية واسعة النطاق لهذه الإشكالية.
وفي خطوة مبتكرة، أعلنت الوزارة عن إطلاق أول مجمع بيطري متنقل بمدينة القنيطرة، موجه خصيصا للتعامل الميداني السريع مع الحيوانات الضالة. هذا المجمع سيوفر خدمات التلقيح والعلاج والتعقيم والإيواء المؤقت، مع إمكانية نقله إلى مختلف المناطق حسب الحاجة، ما يجعله أداة مرنة وفعالة في الحد من المخاطر الصحية.
هذه المخاطر ليست بسيطة، إذ سجل المغرب خلال سنة 2024 ما يفوق 100 ألف حالة عض وخدش، و33 وفاة بداء السعار، و432 إصابة بالأكياس المائية، إضافة إلى 64 حالة لليشمانيا الحشوية. أرقام صادمة تكشف حجم التحدي الذي تواجهه الجماعات الترابية، التي تبقى مسؤولة مباشرة عن تدبير هذا الملف في إطار حماية الصحة العامة.
ورغم الجهود الحكومية والاعتمادات المالية الضخمة، يبقى السؤال مطروحا: هل تتمكن الجماعات فعلا من السيطرة على تفاقم الكلاب الضالة؟ أم أن الشوارع ستظل مسرحا لحوادث تزهق أرواحا وتثير قلق المواطنين؟


