في عملية أمنية نوعية أطلق عليها اسم “أنيساكيس” (Anisakis)، وجه الحرس المدني الإسباني ضربة قاصمة لأحد أكثر الشبكات الإجرامية ذكاء وابتكارا في طرق تهريب المخدرات. الشبكة التي اتخذت من إقليم “ألميريا” قاعدة خلفية لها، نجحت لشهور في التستر وراء واجهة “شركة لنقل المسافرين” لتهريب الشيرا من المغرب نحو قلب أوروبا.
تنسيق مغربي إسباني يسقط “العقل المدبر”
العملية لم تكن وليدة الصدفة، بل جاءت ثمرة تعاون استخباراتي وثيق بين المصالح الأمنية والجمارك المغربية ونظيرتها الإسبانية. هذا التنسيق مكن من تتبع خيوط الشبكة التي كان يديرها “عقل مدبر” من شمال شرق فرنسا، وتحديدا بالقرب من الحدود البلجيكية، حيث كانت النقطة النهائية لتفريغ الشحنات وتوزيعها.
لإبعاد الشبهات، أنشأت المنظمة شركة حافلات حقيقية تنظم رحلات أسبوعية منتظمة بين المغرب ودول الاتحاد الأوروبي. وبدل نقل أمتعة المسافرين، كانت “الأمانة” المهربة تخفى بعناية فائقة داخل أنظمة التبريد والتكييف الخاصة بالحافلات، وهي مخابئ متطورة يصعب كشفها في نقاط المراقبة المرورية العادية، مما جعل الحافلات تعبر الحدود كـ “حصان طروادة”.
زلزال في “ألميريا” و”مليلية”: اعتقالات وملايير محجوزة
أسفرت المداهمات التي شملت 8 مواقع في كل من “ألميريا”، “روكيتاس دي مار”، “فيكار” ومدينة “مليلية” المحتلة، عن اعتقال 5 أشخاص وحجز 140 كيلوغراما من الحشيش. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وضعت الشرطة يدها على كنز مالي شمل 130 ألف يورو نقدا، و15 مركبة من بينها حافلات وسيارات فاخرة.
الضربة الموجعة للشبكة كانت “مالية” بامتياز؛ حيث نجحت السلطات في تجميد أصول وممتلكات بقيمة 2.8 مليون يورو (حوالي 3 مليارات سنتيم). هذه الثروة شملت 28 عقارا و50 مركبة، تم اقتناؤها عن طريق تبييض أموال المخدرات، مما يعني تجفيف منابع الشبكة بشكل كامل ومنعها من العودة للنشاط.


