في وقت يستعد فيه العالم لطي صفحة العام الحالي، أبى “بحر سبتة” إلا أن يلفظ مأساة جديدة، معلنا عن حصيلة “سوداء” غير مسبوقة. 45 ضحية؛ هو الرقم الصادم الذي سجلته سنة 2025 لوفيات المهاجرين، بعدما تمكنت عناصر الحرس المدني الإسباني، في الساعات الماضية، من انتشال جثة شاب ينحدر من دول جنوب الصحراء، ليكون الضحية الثانية غرقا خلال شهر دجنبر الجاري.
وحسب المعطيات الميدانية، فقد عثر على جثة الشاب قبالة منطقة “كالاموكارو”، وهو يرتدي بذلة غطس ويحمل عوامة وزعانف؛ وهي “عدة الموت” التي بات المهاجرون يعتمدون عليها في محاولات يائسة لتجاوز “كاسر الأمواج” الذي يفصل منطقة “بنزو” عن “بليونش”. ويشير الخبراء إلى أن هذا المسار البحري، الذي لم يكن معتادا لدى المهاجرين الأفارقة، بات يحصد الأرواح تباعا، حيث يعتمد الكثيرون على “مرشدين بشريين” يعملون كـ “مراسي” لهم كونهم لا يجيدون السباحة.
المأساة لا تنتهي عند الغرق؛ فالسلطات تواجه تحديا كبيرا في تحديد هوية الضحية، وهو سيناريو تكرر مع الضحية السابقة في 3 دجنبر، والذي دفن في مقبرة “سانتا كاتالينا” دون اسم. وحتى داخل مركز الإقامة المؤقتة (CETI)، يعجز رفاق الرحلة الذين عبروا السياج عن تقديم أي معلومات، مما يجعل هؤلاء الشباب مجرد “أرقام” في سجلات الموت.
تزامن هذا الحادث مع صدور تقرير منظمة “كاميناندو فرونتيراس” (Caminando Fronteras)، الذي وضع الأصابع على الجرح الجائر. وحسب المنظمة الحقوقية، فإن تصاعد هذه المآسي يعود إلى مزيج من “التقصير في واجب تقديم المساعدة”، والتأخر في تفعيل أجهزة البحث والإنقاذ، وغياب التنسيق بين الدول المعنية.
وانتقد التقرير بشدة سياسات “تعهيد” مراقبة الحدود لدول ثالثة تفتقر للموارد، مما يدفع المهاجرين لسلوك طرق أطول وأكثر خطورة على متن قوارب متهالكة ومحملة فوق طاقتها، وهو ما يرفع منسوب الخطر على الحياة بشكل مباشر.


