توسعت خارطة الفلاحة العائلية بالمغرب لتغطي أكثر من نصف المشهد الزراعي الوطني، حيث كشف وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البوعري، أن هذه الفئة تمثل حوالي 7 ملايين شخص، أي ما يعادل 54 بالمئة من الساكنة النشيطة في القطاع الفلاحي.
جاء ذلك في ندوة صحفية عقدها الوزير عقب اجتماع مجلس الحكومة يوم الخميس بالرباط، حيث شدد على أن الفلاحة العائلية، بصيغتها الصغيرة والمتوسطة، لم تكن يوما على هامش السياسة الفلاحية للمملكة، بل كانت في صلب استراتيجية مخطط المغرب الأخضر الذي رصد لها أكثر من نصف مجمل الاستثمارات العمومية في القطاع.
فبحسب الأرقام الرسمية، بلغ حجم الدعم العمومي الموجه لهذه الفئة 52 مليار درهم، من أصل 94.5 مليار تم ضخها في إطار المخطط المذكور. هذا المبلغ توزع بين 21 مليار درهم خصصت لتأهيل البنية الهيدروفلاحية، و11 مليار درهم وجهت كتحفيزات مباشرة من صندوق التنمية الفلاحية.
المغرب يراهن على الفلاح الصغير
ولم يقف الدعم عند البنية والتجهيز، بل امتد إلى برامج الفلاحة التضامنية التي حصلت على 14.5 مليار درهم، إضافة إلى 1.3 مليار درهم لتمويل حملات تلقيح الماشية، و2.2 مليار درهم خصصت لمواجهة تداعيات الجفاف، في ظل التغيرات المناخية المتزايدة.
وأشار الوزير إلى أن هذا الغلاف المالي الموجه للفلاحة التضامنية لا يعكس كل ما استفادت منه الفلاحة العائلية، بل يمثل فقط الجزء المرتبط بالمحور الثاني من المخطط، مؤكدا على أن برامج دعم هذه الشريحة كانت حاضرة في مختلف توجهات السياسات العمومية منذ إطلاق المخطط سنة 2008.
ولم يخف البوعري حجم التحديات البنيوية التي تواجه الفلاح الصغير، مشيرا إلى هشاشة بنية الاستغلاليات الزراعية، وضيق المساحات، وتشتت الملكيات، فضلا عن ضعف الولوج إلى التمويل والتأطير التقني، وهو ما يجعل الحاجة ملحة إلى تصور جديد يروم إعادة هيكلة هذا النسيج الحيوي.
وأضاف الوزير أن هذه التحديات تخضع حالياً لعملية تشخيص معمقة بمشاركة مختلف الفاعلين، وذلك في أفق إطلاق رؤية وطنية متكاملة تضع الفلاحة العائلية في مقدمة أولويات التنمية القروية، وتحولها إلى رافعة فعلية للأمن الغذائي وخلق فرص الشغل.
هكذا، يتضح أن مستقبل الفلاحة المغربية لن يبنى فقط على الاستثمار الكبير والتكنولوجيا الحديثة، بل على دعم الأساس البشري والاجتماعي الذي يمثله الفلاح الصغير والأسرة القروية.