عادت قضية أسعار الأدوية في المغرب إلى واجهة النقاش البرلماني، وسط انتقادات مستمرة من الشارع بخصوص ارتفاع أثمنة العلاجات، وصعوبة ولوج فئات واسعة من المواطنين إلى الأدوية الأساسية، رغم وعود متكررة منذ عهد الوزير الأسبق الحسين الوردي بخفضها.
في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب اليوم الإثنين، شدد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، على أن السياسة الدوائية الوطنية تعد من ركائز إصلاح المنظومة الصحية، وتترجم ما وصفه بـ”الرؤية الملكية السامية” لتحقيق السيادة الصحية وضمان العدالة في الولوج إلى الأدوية.
مشروع مرسوم في الأفق… لكن الأسعار لا تزال مرتفعة
الوزير أوضح أن مراجعة نظام تسعير الأدوية أصبحت أولوية داخل الوزارة، وأن مشروع مرسوم جديد بلغ مراحل متقدمة وسيعرض قريبا على المسطرة التشريعية. ويهدف هذا المرسوم إلى التوفيق بين القدرة الشرائية للمواطن وتحفيز الأدوية المبتكرة وضمان استدامة التغطية الصحية.
غير أن الواقع يكشف أن أسعار مئات الأدوية لا تزال بعيدة المنال عن شرائح واسعة من المواطنين، خصوصا أصحاب الدخل المحدود، رغم عشرات اللوائح التي أعلنت عنها الحكومات السابقة بتخفيضات لم تلمس فعليا في رفوف الصيدليات.
التهراوي أشار إلى أن مشروع المرسوم سيعتمد على خفض الكلفة المباشرة على الأسر،.. مع توجيه آليات التسقيف نحو الأدوية المعوض عنها أو ذات الفعالية العلاجية المثبتة. كما تحدث عن أهمية تعزيز الأمن الدوائي من خلال تحفيز الإنتاج الوطني وتوسيع نطاق الأدوية المصنعة محليا.
وفي هذا السياق،.. قدم الوزير تجربة مصنع “ماربيو” لإنتاج اللقاحات كنموذج ناجح للتعاون بين القطاعين العام والخاص،.. مشيرا إلى أن هذه المبادرة مكنت المغرب من تأمين جزء كبير من حاجياته، بل والتطلع لتزويد السوق الإفريقية.
حقيقة غائبة: الدواء لا يزال مكلفا
ورغم كل ما قيل عن الإصلاحات والبرامج والمراسيم المنتظرة،.. تبقى الحقيقة المرة قائمة: أسعار الأدوية في المغرب تظل من بين الأعلى في المنطقة،.. مقارنة بدول مجاورة تمتلك قدرات اقتصادية مماثلة، لكن منظومات دوائية أكثر عدلا في التسعير.
ويبقى السؤال معلقا: هل ستصمد وعود الإصلاح أمام منطق السوق؟. وهل تستطيع الوزارة فعلا أن تفرض تسعيرة تراعي القدرة الشرائية للمواطن،.. بعيدا عن لوبيات التوزيع والربح؟ الأيام المقبلة وحدها من ستجيب.