اختارت الرباط أن تعيد توجيه بوصلتها الاقتصادية نحو موسكو، وهذه المرة من بوابة الصيد البحري. فبعد سنوات من التعاون المتذبذب مع الاتحاد الأوروبي، وسحب اتفاق الصيد الأخير إثر حكم قضائي أوروبي عام 2023، يستعد المغرب لتوقيع اتفاق جديد مع روسيا، يمنح الأخيرة حق استغلال جزء من ثرواته البحرية.
وبحسب ما أوردته صحيفة “ذي أوبجيكتيف” الإسبانية، فإن هذا الاتفاق الذي يمتد لأربع سنوات سيتيح للأسطول الروسي صيد ما يقارب 80 ألف طن من الأسماك في المنطقة الاقتصادية المغربية على طول سواحل المحيط الأطلسي، بما في ذلك المياه المحاذية للصحراء المغربية. غير أن ما يميز هذه الخطوة ليس فقط طابعها الاقتصادي، بل الرسالة السياسية التي تنطوي عليها، والتي تؤكد على تمسك المملكة بوحدتها الترابية، بعد أن رأت في موقف الاتحاد الأوروبي تراخيا في هذا الملف خلال الاتفاقية السابقة.
الاتفاق المنتظر، وإن لم يعلن عنه رسميا بعد، يبدو أنه جزء من تحرك مغربي محسوب نحو تنويع الشراكات وتقليل الاعتماد على تكتلات تقليدية، خاصة في القطاعات الحساسة كالصيد البحري الذي سجل نموا في الأرباح بنسبة 8 في المائة خلال سنة 2024. وهي أرقام تؤكد أن المغرب بات أكثر قدرة على فرض شروطه السيادية في أي تعاون مستقبلي.
أما من جهة موسكو، فالأمر لا يقتصر على الثروة السمكية فقط،.. بل يدخل ضمن استراتيجية أوسع لتعزيز تواجدها الاقتصادي في شمال إفريقيا،.. في ظل توتر علاقاتها مع العواصم الغربية. وينظر إلى هذا التعاون كجزء من دينامية جديدة في العلاقات بين البلدين،.. حيث تسعى روسيا إلى ترسيخ أقدامها في أسواق الجنوب،.. بينما يتمسك المغرب بموقعه كشريك موثوق يوازن بين المصالح دون التفريط في السيادة.
الاتفاق المقبل بين الرباط وموسكو وفق مراقبين ليس مجرد صفقة صيد،.. بل هو تحول في منطق التعامل المغربي مع القوى الدولية،.. وتأكيد على أن المملكة قادرة على فتح قنوات بديلة أكثر احتراما لثوابتها الوطنية، كلما اقتضت المصالح ذلك.