يعاني الكثيرون من حرقة المعدة، وهي إحدى الأعراض الشائعة للارتجاع الحمضي،.. الذي يتسبب عادة في الشعور بالحرقان في منطقة الصدر نتيجة لصعود حمض المعدة إلى المريء. ورغم أن هناك تشابها في الأعراض بين الأفراد، إلا أن أسباب حرقة المعدة قد تكون متنوعة.
تشير جوليا زومبانو، اختصاصية تغذية مسجلة في معهد أمراض الجهاز الهضمي في كليفلاند كلينك في أوهايو، إلى أن حرقة المعدة قد تكون ذات طابع فردي للغاية. وتوضح أن هذه الحالة لا تظهر دائما على الفور بعد تناول الطعام. وتقول: “عادة ما تحدث حرقة المعدة مباشرة بعد الوجبات،.. ولكن بعض الأشخاص يعانون من إفراغ المعدة ببطء، مما يؤدي إلى ظهور التأثيرات بعد بضع ساعات.”
تعتمد حرقة المعـدة بشكل عام على استرخاء العضلة العاصرة بين المريء والمعدة. عندما تصبح هذه العضلة مرتخية، يمكن للحمض الانتقال من المعدة إلى المريء، مسببا حـرقة المعدة.
يقول كريستوفر مارشال، رئيس قسم أمراض الجهاز الهضمي في جامعة UMass Memorial Health في وورسستر، ماساتشوستس: “هناك أطعمة وعادات يمكن أن تزيد من خطر الارتجاع، حيث تسبب استرخاء العضلات السفلية بشكل متكرر.”
على الرغم من التباين الفردي بين الأفراد،.. إلا أن هناك بعض الإرشادات الأساسية لتجنب حرقة المعدة والحفاظ على الصحة الهضمية.
تجنب الأطعمة الدهنية: استراتيجية فعالة لتفادي حرقة المعدة
يوصي الدكتور مارشال بأن إحدى الخطوات الفعالة التي يمكن للأفراد اتخاذها لتجنب حـرقة المعدة هي تجنب تناول الوجبات الدهنية. وتشمل هذه الأطعمة ليس فقط الأطعمة المقلية بشكل تقليدي،.. ولكن أيضا اللحوم الدهنية. ويشير إلى أن الدهون تمثل العامل الوحيد الذي قد يتسبب في استرخاء العضلة العاصرة،.. مما يتيح للحمض أن يمر.
يوضح مارشال: “تناول نظام غذائي قليل الدهون وصحي للقلب يعود بالفائدة على جميع جوانب حياتك.” يشير إلى أن هذا لا يساهم فقط في إدارة الوزن،.. الذي يعتبر محفزا لحرقة المـعدة والارتجاع، ولكنه أيضا يساعد في تجنب الدهون كعامل محتمل لحدوث تلك الحالات بحد ذاته.
تجنب الاستلقاء مباشرة بعد تناول الطعام
يشير الدكتور مارشال إلى أن الاستلقاء فورا بعد تناول الطعام يعتبر سببا شائعا لحدوث حرقة المـعدة،.. بغض النظر عن نوع الطعام الذي تتناوله. يفضل الجلوس بدلا من الاستلقاء، حيث يساعد ذلك على منح المعدة الفرصة لهضم الوجبة. ويشير إلى أن الوضع الأفقي يجعل من السهل على حمض المعدة الانتقال إلى المريء، خاصة عندما يكون الشخص في وضعية الاستلقاء، حيث لا تعمل الجاذبية ضد الحمض.
ويفضل أيضا تناول وجبة العشاء قبل فترة من النوم،.. على الأقل بمدة تتراوح بين ساعتين وثلاث ساعات، وفقا لتوجيهات مارشال. ويضيف أن رفع رؤوس الأفراد وصدورهم أثناء النوم قد يكون مفيدا لبعض الأشخاص. تؤكد دراسة أجريت على 2000 شخص في باكستان أن رفع الرأس والصدر أثناء النوم كان أحد أهم التغييرات في نمط الحياة التي يمكن أن تخفف من حدوث الارتجاع.
تجنب تناول الكحول والسجائر
يشير الدكتور مارشال إلى أن الكحول والسجائر، بما في ذلك السجائر الإلكترونية،.. تعمل على استرخاء العضلة العاصرة للمريء، مما يسهم في تسهيل مرور حمض المعدة. وأظهرت دراسة نشرت في مجلة الكحول وإدمان الكحول تحليلا تلويا لـ 28 دراسة حول الكحول والارتجاع الحمضي.
وخلص الباحثون إلى أن تناول أي كمية من الكحول يمكن أن يزيد من حدوث الارتجاع،.. إلا أن تناول كميات زائدة بشكل متكرر كان مرتبطا بزيادة قوة أعراض مرض الجزر المعدي المريئي (GERD)، الذي يتضمن من بين أعراضه حـرقة المعدة المزمنة.
تجنب الطعام الحار للوقاية من حرقة المعدة
ينصح بتجنب تناول الأطعمة ذات المستويات العالية من التوابل، حيث تعتبر من الأسباب الشائعة لظهور حرقة المعدة. أظهرت دراسة استقصائية نشرت في مجلة أمراض الجهاز الهضمي والعلوم أن 62% من 100 مريض يعانون من ارتجاع المريء أشاروا إلى أن الأطعمة الغنية بالتوابل تسببت في ظهور أعراض حرقة المعدة لديهم.
إذا كنت من عشاق الطعام الحار، يفضل أن تفكر في إضافة نكهات أقل تحفيزا، مثل الأوريجانو أو الكركم، لتجنب التأثير السلبي على المعدة.
تفادى الحموضة للتخفيف من حرقة المعدة
تنصح بتجنب تناول الأطعمة والمشروبات الحمضية، حيث يمكن أن تسبب تهيجا لبطانة المريء وزيادة التهابها. ومع ذلك، يعتمد تأثير هذه الأطعمة والمشروبات على الفرد.
على سبيل المثال، قد يكون القهوة مشروبًا حمضيًا، وعلى الرغم من وجود قوائم توجيهية للأطعمة التي يجب تجنبها لمن يعانون من حرقة المعدة، إلا أن الأبحاث حول تأثير القهوة متباينة. أظهر تحليل نشر في مجلة Nutrients أن دراسة صغيرة على 31 شخصًا أظهرت أن القهوة تساهم في استرخاء العضلة العاصرة المريئية السفلية وزيادة حدوث الارتجاع، ولكن النتائج تختلف باختلاف أنواع القهوة. وبشكل عام، لم يُظهر التحليل أي دليل قاطع على أن القهوة ترتبط بارتفاع حالات ارتجاع المريء.
تجنب تناول الحموضة، مثل الحمضيات، قد يكون ذا أهمية خاصة، ولكن يُشدد على أن الفرد يجب أن يكون حذرًا ويتتبع تفاعل جسمه بعناية لتجنب ما قد يثير حرقة المعدة بالنسبة له.
لا تفرط في تناول الطعام
قد تكون عادات تناول الطعام لها تأثير كبير على حدوث حـرقة المعدة، حيث تشير الدراسات إلى أن تناول كميات كبيرة من الطعام خلال وجبة واحدة يمكن أن يكون سببًا شائعًا لهذه الحالة. أظهرت تحليل شامل لست دراسات، شملت أكثر من 34000 شخص، ونُشر في مجلة Therapeutics and Clinical Risk Management، أن تناول وجبات خفيفة في وقت متأخر من الليل والإفراط في تناول الطعام يرتبطان بزيادة خطر الإصابة بحرقة المعدة.
إذا كان الإفراط في تناول الطعام هو السبب المحتمل، يُنصح زومبانو بالتوقف عن تناول الطعام قبل أن يشعر الشخص بالشبع، وذلك لتجنب تناول كميات زائدة والتسبب في حدوث حرقة المعدة. وتشجع على تناول وجبات متكررة غنية بالبروتين والألياف، مع استخدام أطباق وأوعية صغيرة الحجم لتحفيز التحكم في الكميات المتناولة وتجنب التناول الفرط.
اكتشف محفزات حرقة المعدة
لتحسين جودة حياتك والتحكم في حدوث حـرقة المعدة، يُوصى بفهم المحفزات الفردية التي قد تؤدي إلى هذه الحالة. تقترح جوليا زومبانو، اختصاصية تغذية في معهد أمراض الجهاز الهضمي بكليفلاند كلينك في أوهايو، الاحتفاظ بمذكرة طعام لتسجيل التفاصيل عند حدوث حرقة المعدة. تقول زومبانو: “قم بتدوين الظروف والأطعمة التي تتناولها عند حدوث الحرقة، وشدة الأعراض، وما تقوم بتناوله بعد ذلك. سيساعدك ذلك في تحديد محفزاتك الشخصية وتجنبها في المستقبل.”
من خلال الدراسات، تبين أن تحديد المحفزات يمكن أن يكون له تأثير إيجابي. في أحد التحليلات الطويلة، شملت أكثر من 34000 شخص، تم ربط تناول وجبات خفيفة في وقت متأخر من الليل والإفراط في تناول الطعام بزيادة خطر حرقة المعدة.
تعد النعناع واحدة من المحفزات الشائعة لحرقة المعدة،.. ولكن يمكن أن يساعد في علاج اضطرابات الجهاز الهضمي الأخرى. في دراسة منشورة في أمراض الجهاز الهضمي والعلوم،.. وجد أشخاص يعانون من ارتجاع المريء أن تحديد محفزات الطعام وتجنبها قاد إلى تخفيف 50% من حرقة المعدة. كانت بين المحفزات الشائعة الأطعمة الغنية بالتوابل والشوكولاتة والبيتزا والطماطم والأطعمة المقلية. يشدد زومبانو على أهمية التعرف على محفزاتك الشخصية لتحقيق أقصى قدر من الراحة.