كسر صمت الطريق نحو المعبر الحدودي الكركرات بإطلاق ورش تنموي جديد سيعيد رسم ملامح واحد من أكثر المحاور حساسية واستراتيجية في الجنوب المغربي. المشروع الذي يستهدف تثنية الطريق الوطنية رقم 1 على مسافة 3.15 كيلومتر، يندرج في إطار جهود المملكة لتأمين انسيابية العبور وتحسين البنية التحتية على طول الشريان التجاري الفاصل بين المغرب وعمقه الإفريقي.
الورش الجديد يمتد من النقطة الكيلومترية 2306+400 إلى غاية 2309+555، ويتضمن أيضا تهيئة مدارات جديدة ومواقف للعربات، في مشروع متكامل خصصت له ميزانية تصل إلى 32,11 مليون درهم، على أن يتم الانتهاء منه خلال 8 أشهر فقط، وفق التقديرات الرسمية.
لكن الأمر يتجاوز الأرقام. فالمعبر الحدودي الكركرات لم يعد مجرد نقطة عبور تجارية أو سياسية، بل أصبح عنوانا للسيادة، وواجهة أمامية لسياسة المغرب الإفريقية، ما يجعل من تحسين بنيته الطرقية ضرورة ملحة وليست مجرد ترف إداري.
ويرتقب أن تسهم هذه الأشغال في تعزيز تدفق السلع والبضائع، وتوفير ظروف تنقل أكثر أمانا للسائقين والمسافرين، خاصة مع ازدياد حجم الحركة عبر المعبر خلال السنوات الأخيرة. كما ستساهم المدارات والمواقف الجديدة في تنظيم حركة الشاحنات والحد من الاختناقات التي تشهدها المنطقة بين الفينة والأخرى.
المشروع، وإن بدا تقنيا في ظاهره، إلا أنه يحمل في طياته رسائل سياسية واضحة: المغرب ماض في ترسيخ حضوره الميداني وتنمية حدوده الجنوبية، بخطى عملية بعيدا عن الشعارات.
ولعل تثنية طريق الكركرات هي البداية فقط، في مسار استراتيجي طويل الأمد يستهدف تحويل المنطقة إلى منصة لوجستية متكاملة تربط شمال المملكة بعمقها الإفريقي، وتؤكد في كل مرة أن “الحدود” عند المغرب ليست مناطق عازلة، بل فضاءات حياة وتنمية وعبور.