كشفت تقارير رسمية بلجيكية أن 132 معتقلا مغربيا تم ترحيلهم نحو المغرب خلال سنة 2024، في إطار اتفاق ثنائي جديد بين الرباط وبروكسيل، يسمح بإعادة السجناء إلى بلدهم الأصلي دون الحاجة إلى موافقتهم، ما أثار ردود فعل متباينة في الأوساط الحقوقية.
الاتفاق، الذي وقعته حكومتا المغرب وبلجيكا، يتيح لكل طرف إعادة مواطنيه المدانين في قضايا جنائية إلى بلدانهم لقضاء ما تبقى من العقوبة. وحسب المعطيات الصادرة عن السلطة المركزية التابعة لوزارة العدل البلجيكية، فإن عمليات الترحيل تخضع لشروط صارمة، رغم أنها باتت تتم دون موافقة السجين في حالات محددة.
أرقام صادمة.. المغاربة ثاني جنسية بالسجون البلجيكية
بحسب نفس الجهة، فإن السجناء المغاربة يشكلون ثاني أكبر جنسية داخل سجون بلجيكا بعد المواطنين المحليين، حيث بلغ عددهم سنة 2023 حوالي 894 معتقلا، يمثلون 7.8 في المئة من الساكنة السجنية البلجيكية. هذه المعطيات تعكس حجم التحدي المرتبط بتدبير ملف الهجرة غير النظامية وجرائم العنف والمخدرات المرتبطة ببعض الجاليات.
رغم ذلك، لا يمكن ترحيل جميع السجناء من أصول مغربية، إذ يمنع الترحيل في حالات إنسانية واجتماعية، كأن يكون السجين من مواليد بلجيكا أو ممن دخلوا أراضيها قبل سن 12، أو إذا كان مقيما قانونيا لأكثر من خمس سنوات متواصلة، أو متزوجا من مواطن بلجيكي، أو أبا لطفل مقيم بالبلاد.
كما تشمل الاستثناءات الحالات الصحية الحرجة،.. أو من تعرضوا لحوادث شغل، أو المصابين بأمراض مزمنة لا يمكن علاجها في المغرب،.. إلى جانب من تتوفر فيهم شروط الحصول على الجنسية البلجيكية أو يحملون صفة لاجئ معترف به.
وبالمقابل، فإن بلجيكا تواصل تطبيق هذا البرنامج، الذي تسميه بـ”الإعادة الإنسانية”،.. بدعوى المساهمة في إعادة إدماج السجناء داخل مجتمعهم الأصلي،.. وكوسيلة لتقليص الاكتظاظ السجني داخل المملكة الأوروبية.
خطوة تستبطن رسائل سياسية وأمنية
المثير في الاتفاق، أنه لا يتيح للمغرب رفض استقبال المرحلين،.. وهو ما جعل البعض يعتبر الأمر أشبه بصفقة مغلقة ذات أبعاد سياسية وأمنية،.. في ظل الضغوط الأوروبية المتزايدة على المغرب من أجل المساهمة في ضبط الهجرة والحد من ظاهرة “الجرائم العابرة للحدود”.
وفي تصريح سابق أمام البرلمان البلجيكي،.. أكدت وزيرة العدل أناليس فيرلندن أن الحكومة “ستواصل هذا النهج خلال السنوات المقبلة”،.. مؤكدة أن هذا النوع من الاتفاقيات “يساعد على بسط سيادة القانون داخل بلجيكا، دون التخلي عن المعايير الإنسانية”.
أما من الجانب المغربي، فلم يصدر أي بلاغ رسمي يوضح موقف الرباط من هذه العمليات،.. ولا الكيفية التي يستقبل بها هؤلاء السجناء داخل السجون المغربية،.. أو ما إذا كانت هناك ضمانات لحسن معاملتهم أو إدماجهم من جديد.