لم يكن البحر رحيما هذه المرة. لحظات فقط فصلت مركبا متهالكا عن اليابسة، قبل أن ينقلب ويتحول الحلم الأوروبي إلى مأساة جديدة على طريق الهجرة الأطلسية، أحد أخطر المسارات البحرية في العالم.
أربع نساء وفتاة في السادسة عشرة وطفلة لا يتجاوز عمرها خمس سنوات، جميعهن لقين مصرعهن بعد انقلاب قارب للهجرة قبالة جزيرة “إل هييرو” في جزر الكناري، يوم الأربعاء، وفق ما أكدته أجهزة الطوارئ المحلية.
السلطات الإسبانية عبأت مروحيات وفرق إنقاذ للتدخل السريع في ميناء “لا ريستنغا”، حيث كان المركب المنكوب على وشك الرسو. التقارير الأولية تشير إلى أن القارب كان يحمل أكثر من 150 مهاجرا، أغلبهم من دول غرب إفريقيا، بينهم مغاربة وماليون وسنغاليون.
أجهزة الإنقاذ بثت مشاهد مرعبة تظهر مهاجرين متشبثين بحطام المركب فيما ترمى إليهم أطواق النجاة في سباق مع الزمن. ومع توالي لحظات الفزع، أعلن عن مصرع امرأتين بداية، قبل أن يتأكد لاحقا سقوط أربع ضحايا أخريات، ليغلق العداد عند ستة قتلى.
في مشهد لا يقل مأساوية، خضع طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات وطفلة في الخامسة لعلاجات طبية عاجلة بعدما غرقا تقريبا، وتم نقلهما إلى مستشفى في جزيرة تينيريفي على متن مروحية. كما تم نقل أربعة قاصرين آخرين يعانون من صعوبات تنفسية إلى مستشفى محلي في “إل هييرو”.
جزر الكناري، الواقعة في المحيط الأطلسي قبالة السواحل الإفريقية، أصبحت منذ سنوات بوابة رئيسية للهجرة غير النظامية نحو أوروبا، وسط تشديد متزايد على المعابر المتوسطية. وتشير أرقام الحكومة الإسبانية إلى أن حوالي 47 ألف مهاجر وصلوا إلى الأرخبيل عام 2024، في رقم قياسي جديد رغم تراجعه بنسبة 34.4% مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية.
لكن وراء هذه الأرقام جراح لا تحصى. فبحسب منظمة “كاميناندو فرونتيراس”، لقي 10457 مهاجرا حتفهم أو فقدوا في عرض البحر أثناء محاولاتهم الوصول إلى إسبانيا عبر الأطلسي بين يناير ودجنبر 2024.