في خضم توجهات موريتانيا نحو تعزيز حماية منتجيها المحليين، أقرت الحكومة تمديد تطبيق الضريبة على استيراد الخضروات للعام 2025، وفق ما نصت عليه ميزانية الدولة. هذه الخطوة، التي انطلقت لأول مرة في يناير 2024، تهدف إلى تعزيز تنافسية الإنتاج المحلي، لكنها لم تخلو من انتقادات واسعة سواء من المصدرين الأجانب أو المستهلكين المحليين.
الضريبة التي أعيد العمل بها، سترتفع خلال فترات تطبيقها من 13.73% إلى 39.23%. هذه النسبة الكبيرة تطبق على كافة واردات الخضروات بغض النظر عن مصدرها الجغرافي، إلا أن المغرب، كأكبر مزود للسوق الموريتانية بالخضروات، يتأثر بشكل مباشر بهذه السياسة. والملفت أن السوق الموريتانية تعتمد بشكل كبير على المنتجات المغربية، خاصة الخضر والفواكه، مما يجعل تأثير الضرائب أكثر وضوحا على الأسعار.
تشمل التعديلات التي أدخلت على قانون المالية لعام 2025 تمديد فترة تطبيق الضريبة لتتزامن مع مواسم الحصاد المحلية. فبدلا من تطبيقها في بداية السنة كما جرت العادة، ستبدأ من منتصف فبراير وتمتد حتى نهاية يونيو لبعض المحاصيل مثل البطاطس والجزر والفلفل، بينما ستمدد حتى نهاية غشت لمحاصيل أخرى كالبصل والطماطم. هذه الخطوة تهدف إلى تحقيق توازن بين حماية المزارعين وتوفير المنتجات بأسعار مناسبة خلال فترات انخفاض الإنتاج المحلي.
تأثير مزدوج: حماية المنتجين وإرهاق المستهلكين
رغم نية الحكومة تعزيز الإنتاج المحلي، إلا أن الآثار السلبية لهذه الضريبة لا يمكن تجاهلها. فارتفاع التكلفة يتحمله المستهلك النهائي، مما يؤدي إلى زيادة كبيرة في أسعار الخضروات داخل السوق الموريتانية، خاصة أن الإنتاج المحلي يغطي بالكاد 25% من احتياجات البلاد. وكانت السنة الماضية شاهدة على أزمات نقص حادة وارتفاع لافت في الأسعار بسبب هذه السياسة.
على الجانب الآخر، تعول الحكومة الموريتانية على جذب مستثمرين أجانب، خاصة من المغرب، للاستثمار في الزراعة المحلية. فقد بدأت بعض الشركات المغربية بالانتقال إلى موريتانيا لإنتاج محاصيل كالبطيخ، مستفيدة من انخفاض تكاليف الإنتاج مقارنة بالمغرب بسبب القيود المفروضة على استهلاك المياه في المملكة.
مع ذلك، تواجه هذه السياسة اعتراضات من مختلف الفاعلين في سلسلة الإمداد، بدءا من المصدرين وصولا إلى المستهلكين. وأكدت تقارير اقتصادية أن الضريبة تؤثر سلبا على تنافسية السوق، مع استثناء واحد يتمثل في المنتجات التي تعبر الأراضي الموريتانية نحو الأسواق الأفريقية الأخرى، والتي لم تشملها الضريبة.
في نهاية المطاف، تبقى الحكومة الموريتانية أمام تحد مزدوج: تحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال حماية المنتجين المحليين، مع تخفيف العبء المالي عن المستهلكين الذين يواجهون ارتفاعا غير مسبوق في تكاليف المعيشة.