قررت السلطات المغربية فتح ورش رقمي جديد داخل قطاع الصيد البحري، عبر استثمار 34 مليون درهم لرقمنة المزادات في 45 سوقا من أسواق بيع السمك بالجملة. الهدف: تعزيز الشفافية، تقليص هامش التلاعب، وضبط توزيع المنتوجات البحرية من الميناء إلى المستهلك.
هذه الخطوة تأتي ضمن سياسة إعادة هيكلة كبرى انطلقت منذ سنة 2010، وتسير وفق الاستراتيجية الوطنية للصيد “أليوتيس”. وبحسب تصريحات كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، زكية الدريوش، فإن الوثائق المتداولة داخل هذه الأسواق سيتم رقمنتها بشكل كامل، مما سيسهم في إحكام مراقبة التعاملات التجارية ومواجهة مظاهر العشوائية.
45 سوقا تستعد للتحول الكامل
الخريطة الحالية لأسواق السمك في المغرب تضم 70 نقطة للبيع بالجملة موزعة بين موانئ الصيد ونقط الإنزال والقرى الساحلية. وقد تم تجهيز 14 سوقا منها بمصانع ثلج حديثة، بينما تم بناء 12 سوقا جديدة خارج الموانئ، اثنان منها لا يزالان قيد الأشغال.
في موازاة ذلك، تم إطلاق برنامج جديد لإنشاء 8 أسواق موجهة للبيع المباشر للمستهلك بحلول عام 2027، حيث انطلقت الأشغال فعليا في 5 مشاريع بدعم مالي يبلغ 30 مليون درهم من كاتبة الدولة.
ومن أجل تحسين جودة الأسماك قبل وصولها إلى المستهلك، تم اعتماد صناديق بلاستيكية موحدة في جميع الموانئ، إلى جانب إنشاء 100 وحدة لإنتاج الثلج وتوزيع حاويات مبردة على الصيادين التقليديين، بتمويل إجمالي يفوق 93 مليون درهم.
الإصلاحات لم تقف عند الجوانب التقنية واللوجستيكية، بل امتدت إلى الإطار القانوني، حيث تخضع أنشطة بائعي السمك اليوم لتنظيم صارم بموجب القانون 14.08، والذي يخضع حاليا لمراجعة شاملة لتقوية الرقابة ومحاربة الصيد غير القانوني وضبط سلاسل التوزيع.
أما على المستوى الاجتماعي، فقد حققت مبادرة “السمك بثمن معقول” نتائج لافتة، خصوصا خلال شهر رمضان الأخير، حيث تم تسويق أزيد من 4670 طنا من السمك المجمد في 35 مدينة، مقابل 414 طنا فقط في ثلاث مدن عام 2019. الحكومة تخطط اليوم لتوسيع البرنامج ليشمل باقي شهور السنة بشراكة مع فاعلين اقتصاديين.
وبحسب المعطيات الرسمية، فإن حجم العرض السنوي من المنتوجات البحرية يستقر في حدود 1.4 مليون طن، تشكل الأسماك السطحية الصغيرة (البيلجيك) نحو 84 في المائة منها، مما يجعل المغرب من بين أكبر المنتجين إقليميا.