الأكثر مشاهدة

“جريمة منظمة”.. هل يتم إفشال القطاع الصحي العمومي عمدا خدمة لـ”مافيا” القطاع الخاص؟

في كل مرة تثار فيها قضية اختلالات القطاع الصحي أو التعليمي في المغرب، يتجدد السؤال حول طبيعة العلاقة بين القطاعين العام والخاص، ودور كل منهما في تقديم الخدمات الأساسية للمواطن. ففي الوقت الذي يفترض أن يلعب فيه القطاع الخاص دورا تكميليا، يثار التساؤل حول ما إذا كان قد تحول إلى قوة “بديلة” تسعى لإفشال أي محاولة لإصلاح القطاع العام، بهدف الاستحواذ على سوق خدمات تقدر بملايير الدراهم.

يطرح هذا التساؤل بقوة عندما يتعلق الأمر بمستشفيات عمومية مثل مستشفى الحسن الثاني بأكادير، الذي يعيش على وقع أزمة خدمات متكررة. فمن غير المنطقي أن تعاني مدينة بحجم أكادير، التي تتميز بقدرة شرائية جيدة وتستقبل أعدادا كبيرة من السياح والمرضى من الأقاليم الجنوبية، من نقص في الخدمات الطبية الأساسية. وهو ما يجعلها، في المقابل، سوقا مغريا للمصحات الخاصة، ومختبرات التحاليل، ومراكز الفحص بالأشعة.

إن الفرضية التي تطرح نفسها هنا هي: هل هناك تواطؤ غير معلن بين بعض الجهات لإفشال المستشفيات العمومية؟ فالمنطق يقول إن أي تحسن في جودة الخدمات الصحية الحكومية يعني بالضرورة تراجعا في أرباح القطاع الخاص. وهذا التضارب في المصالح قد يخلق شبكة من التعقيدات تعيق أي إصلاح حقيقي، وتبقي القطاع العام في حالة ضعف مستمرة.

- Ad -

وإذا ما نظرنا إلى الواقع المغربي، سنجد أن هذه الفرضية لا تقتصر على أكادير وحدها، بل تتكرر في العديد من المدن الكبرى التي تحولت فيها المستشفيات العمومية إلى مجرد “مراكز إسعافات أولية” للمواطنين البسطاء، بينما يحول المرضى الذين يملكون إمكانيات مادية إلى عيادات ومصحات خاصة، حتى وإن كانت حالاتهم لا تتطلب ذلك.

إن هذه الظاهرة، بغض النظر عن المسؤول عنها، قد توصف بـ “الجريمة المنظمة” التي تضع مصالح المواطنين في المرتبة الأخيرة. وفي ظل هذا الوضع، قد لا يكون البحث عن المحاسبة هو الأولوية، بل يجب أن يكون التركيز على إصلاح هذه المنظومة بشكل جذري، لضمان أن تبقى الخدمات الاجتماعية حقا للجميع، وليس حكرا على من يملك المال.

مقالات ذات صلة