تحركت السلطات أخيرا، بعد أن خيّم الصمت طويلا على التجاوزات التي ظلت تطال الملك العام بمنطقة بوسكورة التابعة لإقليم النواصر. هذه المنطقة الراقية التي طالما وصفت بـ”الخط الأحمر” بالنظر إلى النفوذ الذي يحتمي به أصحاب المقاهي والمطاعم والإقامات الفاخرة، دخلت اليوم مرحلة جديدة من إعادة الاعتبار لهيبة القانون.
جاءت هذه التطورات عقب الرسائل الواضحة والحاسمة التي وجهها محمد امهيدية، والي جهة الدار البيضاء سطات، إلى المسؤولين المحليين، والتي لم تخل من لهجة توبيخ حادة، دعتهم إلى التحرك الفوري ورفع يد الحماية غير المعلنة عن مظاهر احتلال الملك العام التي أصبحت جزءا من مشهد بوسكورة اليومي.
خلال اليومين الماضيين، شنت السلطات المحلية ببوسكورة حملة واسعة النطاق استهدفت عشرات التجاوزات، وفي مقدمتها واجهات لمقاهي ومطاعم فاخرة يملكها أعيان وشخصيات وازنة، كانت قد عمدت إلى التوسع على حساب الرصيف والفضاءات العمومية، دون أي سند قانوني.
الجرافات نزلت إلى الميدان وهدمت العديد من المنشآت المخالفة، في مشهد أثار اهتمام الرأي العام المحلي، خصوصا أن بعض هذه المباني تعود لمقاولين معروفين وأسماء نافذة لطالما اعتبر المساس بها من المحظورات.
ولم تتوقف الحملة عند حدود الأنشطة التجارية، بل طالت أيضا إقامات سكنية محاذية لملعب الغولف،.. حيث قام بعض المالكين بتسييج أو ضم أجزاء من المجال العام إلى حدائقهم الخاصة،.. وهو ما لم تعد السلطات تتسامح معه تحت أي مبرر.
هذا التحول المفاجئ في تعاطي السلطات مع ملف الاحتلال غير المشروع،.. يطرح عدة أسئلة حول ما إذا كان الأمر مجرد حملة موسمية لإرضاء غضب مركزي،.. أم بداية فعلية لتقليص الامتيازات غير المشروعة التي ظل البعض يتمتع بها لعقود.
المتابعون للشأن المحلي يترقبون اتساع رقعة هذه الحملة لتشمل مناطق أخرى من النواصر وحتى داخل تراب الدار البيضاء الكبرى،.. حيث لا يختلف الوضع كثيرا،.. خصوصا في أحياء راقية تعرف بدورها احتلالا ممنهجا للمجال العمومي وسط صمت المسؤولين.