يقترب القفطان المغربي، أحد أعرق رموز الهوية الجمالية في المغرب، من نيل اعتراف عالمي جديد بعدما دخل ملف تسجيله في لائحة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو مرحلته الحاسمة. فالملف الذي قدم أول مرة سنة 2023، ثم أعيد تحيينه في مارس 2025، حظي هذا الأسبوع بتقييم تقني إيجابي من طرف هيئة الخبراء باليونسكو، تمهيدًا لعرضه على اللجنة الحكومية الدولية التي تتولى القرار النهائي.
مصادر مهنية أكدت لـ«آنفا نيوز» أن الملف المغربي اعتبر مطابقا لكل معايير اتفاقية 2003، سواء ما يتعلق بوجود عنصر حي ومتجدد، أو استمرارية نقله بين الأجيال، أو توفر الوثائق الوطنية والمعطيات العلمية التي تؤطره. مصطفى جلوك، مدير التراث الثقافي بوزارة الشباب والثقافة والتواصل، أوضح أن التقييم التقني “واضح ومطمئن”، وأن الهيئة الدولية أوصت رسميا بتسجيل القفطان المغربي ضمن اللائحة التمثيلية للتراث الإنساني.
لكن هذا المسار لا يخلو من توتر سياسي؛ فبينما يمضي الملف نحو المصادقة، تواصل الجزائر إرسال اعتراضات مكتوبة إلى أمانة الاتفاقية، متحدثة عن “مخالفات شكلية” و“عناصر تراثية مشتركة”، في محاولة لجر النقاش نحو مطلب إدراج متعدد الجنسيات. هذه الخطوات، وإن لم تؤثر على صحة الملف تقنيا، قد تفتح الباب أمام تأجيلات إجرائية إذا ما تقرر تحويل الاعتراض إلى مداولة داخل اللجنة.
الخبراء المغاربة، من جهتهم، يعتبرون أن القانون الداخلي لليونسكو لا يعطي لأي دولة الحق في منع تسجيل عنصر ثقافي لدى دولة أخرى. فالاعتراف الدولي لا يمنح احتكارا ثقافيا، ولا يمنع وجود أشكال مشابهة أو متقاربة في دول الجوار. أحمد اسكونتي، أحد أبرز المختصين المغاربة في التراث، يرى أن التجارب السابقة تظهر أن اللجنة تتبع التقييم التقني في 95% من الحالات، مما يضع الملف المغربي في وضعية مريحة.
أما مضمون الملف نفسه، فيركز على القفطان المغربي بصيغته الموثقة داخل البلاد: تقنيات الخياطة والتطريز، انتقال الحرفة داخل أسر الصناع التقليديين، دوره في الاحتفالات والمناسبات، ونظام المعارف الحرفية التي تراكمت عبر القرون. المغرب لا يطالب بملكية أي لباس تقليدي خارج حدوده، بل يسعى إلى توثيق صنعة ذات هوية محددة وسياق اجتماعي وثقافي مغربي خالص.
ومن المنتظر أن يدرس الملف يوم 10 دجنبر خلال أشغال اللجنة الحكومية الدولية المنعقدة بالهند من 8 إلى 13 الشهر ذاته. وفي حال عدم تقدم أي اعتراض رسمي، سيعلن القفطان المغربي عنصرا من عناصر التراث الإنساني المعترف به دوليا. أما إذا أصرت الجزائر على موقفها، فقد يفتح نقاش تقني إضافي، من دون أن يمس ذلك بالتقييم الإيجابي الذي حصل عليه الملف.
وفي كل السيناريوهات، يبدو المغرب اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى انتزاع اعتراف عالمي بقيمة القفطان، باعتباره إبداعا حيا ونتاجا لتاريخ طويل من المهارات الحرفية والذوق المغربي الرفيع.


