عاد ملف النقيب محمد زيان إلى الواجهة، وهذه المرة وسط تضارب غير مسبوق في الروايات بين أسرته وإدارة السجن المحلي العرجات 1، بعدما أعلنت الأسرة أن الأخير يعيش منذ 21 نونبر 2025 ما وصفته بـ“الاعتقال التحكمي”، مؤكدة أنه أنهى كامل مدة العقوبة دون أي تخفيض، وأن استمرار احتجازه يشكل خرقا لحقه في الإفراج.
وفي بلاغ صادر يوم الإثنين، أوضحت الأسرة أنها زارته صباحا ليبلغهم بقراره الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجا على ما يعتبره “احتجازا غير قانوني”، مشيرة إلى أن هذا القرار يثير مخاوف عميقة بالنظر إلى سنه المتقدمة (83 عاما) ومعاناته من أمراض مزمنة قد تجعل الإضراب تهديدا فوريا لحياته. الأسرة ناشدت، بلهجة تجمع بين القلق والرجاء، “حكماء البلاد” للتدخل حفاظا على صحته وضمان تطبيق القانون كما يجب.
لكن إدارة السجن، وفي بيان ناري غير معتاد في صيغته، نفت تماما رواية الأسرة، مؤكدة أن السجين (م.ز) “يتناول وجباته بشكل طبيعي”، ولم يتقدم بأي إشعار بالإضراب. وذهبت الإدارة أبعد من ذلك، معتبرة أن نشر هذه المعطيات “لا أساس له من الصحة”، وأن الحديث عن الإضراب قد يشكل في حد ذاته “دفعا للسجين نحو التهلكة”.
وزاد بيان المؤسسة من حدة الجدل عندما اتهم ابن زيان، وهو في الآن نفسه محاميه، بـ“السعي إلى تضليل الرأي العام”، مستحضرا واقعة تعود لفبراير 2024 حين دخل النقيب في إضراب دام 24 ساعة، وقالت الإدارة إن الابن “صرخ في وجه والده” محاولا ثنيه عن مواصلة الخطوة، ما اعتبرته دليلا على تناقضات في خطاب الأسرة.
هذا التناقض الحاد بين رواية أسرة النقيب وإدارة السجن يعيد إلى السطح سؤالا أعمق يتجاوز المعطيات القانونية المباشرة: كيف تتحول قضايا الشخصيات العامة، خاصة ذات الرمزية السياسية، إلى فضاء صراع إعلامي مفتوح؟
وبين نفي المؤسسة وتصعيد الأسرة، يبقى الوضع الصحي للنقيب محمد زيان، ومعه مصير احتجاجه، رهين الساعات المقبلة، في انتظار أن تتضح الصورة ويحسم الجدل الذي يستقطب الرأي العام من جديد.


