الأكثر مشاهدة

الربح في يد السماسرة والخسارة على ظهر الفلاح.. هكذا خنقوا الكساب المغربي

تحولت خيبة أمل الكسابة والمربين هذه السنة إلى جرح مفتوح، بعد أن عاشوا واحدة من أصعب مراحلهم الاقتصادية، في ظل جفاف متوال، وارتفاع مهول لأسعار الأعلاف، وعجز تام عن مجاراة السوق. ففي الوقت الذي كانوا يأملون أن يبيعوا ما تبقى من ماشيتهم بثمن يغطي الحد الأدنى من الخسائر، فوجئوا بقرارات ألغت شعيرة الذبح، وهو القرار الملكي الحكيم الذي حظي بإشادة الجميع نظرا لأهميته في هذه الظرفية الصعبة. إلا أن تقاعس الحكومة في اتخاذ إجراءات فورية مواكبة لحمايتهم من الإفلاس، جعل من عمل نبيل يتوخى إعادة تكوين القطيع الوطني وخفض أسعار اللحوم، نقمة على الفلاح المغربي الصغير.

الكساب الذي ظل طيلة شهور يطعم قطيعه بما تبقى له من مدخرات،.. وجد نفسه مضطرا لبيع مواشيه بثمن زهيد، فقط لتفادي مزيد من الخسائر. وفي المقابل، ظهر تجار اللحوم والسماسرة كأكبر الرابحين، حيث تحكموا في الأسعار،.. واحتكروا السوق، ورفعوا هامش أرباحهم بشكل وصفه كثيرون بـ”الانتهازي”.

ولم يكن مفاجئا أن ترتفع أسعار اللحوم الحمراء في بعض الأسواق إلى 150 درهم،.. ما جعل الناس يتداولون على مواقع التواصل صورا وتدوينات تهكمية تعبر عن حالة العبث التي يعيشها السوق. وآخرون لم يخفوا استغرابهم من مفارقة غريبة: غياب الأضاحي مع غلاء اللحوم!

- Ad -

في العمق، لم تكن الأزمة فقط في غلاء اللحوم، بل في اختفاء العدالة. فمن يراقب ما يحدث يلاحظ أن الجزارين انتقلوا من موسم كانوا يخشونه بسبب كثرة العرض وتراجع الربح،.. إلى وضع مريح حيث الطلب يفوق العرض، والأسعار في ارتفاع.

ووسط هذا المشهد القاتم، ضاع صوت الفلاح والمربي، الذي لم يجد من ينصفه أو يحميه. وبينما كان البعض يحصي الأرباح، كان المربي يحصي رؤوس أغنامه التي باعها بأقل من ثمن الكلفة. إنها مأساة اقتصادية تجلت بأقسى صورها في لحظة كان من المفروض أن تعكس التضامن والرحمة.

إن هذا العيد لم يكن فقط بلا أضاحي، بل كان بلا عدالة.. والمفارقة أن من ضحى فعلا، ليس المواطن الذي لم يذبح، بل المربي الذي خسر كل شيء.

مقالات ذات صلة