وسط صخب الأزقة وأصوات الباعة وروائح الإلكترونيات القديمة، يعيش سوق درب غلف لحظة انتظار قلقة، بعدما أعلنت جماعة الدار البيضاء نيتها إطلاق مشروع لإعادة تهيئته ضمن خطة تشمل عددا من الأسواق الشعبية الكبرى بالعاصمة الاقتصادية.
المكان الذي لطالما مثل شريانا نابضا للتجارة غير الرسمية، ومقصدا مفضلا للباحثين عن الإلكترونيات وقطع الغيار والمنتجات المستعملة، مهدد اليوم بمصير مجهول ما لم تراع السلطات كينونته وطابعه الشعبي في أي مخطط إصلاحي قادم.
رئيسة الجماعة، نبيلة الرميلي، أكدت أن المشروع المرتقب لن يشمل ترحيل السوق من موقعه، بل يسعى لتأهيله وتحسين ظروفه دون طمس هويته، مع السعي لاقتناء العقار الذي يقام عليه السوق، والذي لا يزال مملوكا للخواص.
لكن التصريحات الرسمية لم تطفئ قلق التجار، الذين يخشون أن يتحول الإصلاح إلى تهجير مقنع، أو أن تؤدي الأشغال إلى إغلاق جزئي أو كلي قد يفقدهم مورد عيشهم اليومي.
عبد المنعم مذكر، رئيس جمعية تجار سوق السلام، أوضح أن الجمعية قدمت للمجلس الجماعي مقترحات عملية تتعلق بإعادة التهيئة دون المساس بالاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للتجار.
ودعا المتحدث إلى تنفيذ الأشغال على مراحل، وتوفير مرافق صحية لائقة، وتحسين التهوية والصرف الصحي، وتنظيم الممرات لتسهيل حركة الزبائن، دون أن يفقد السوق طابعه الشعبي الذي ميزه لعقود.
وشدد مذكر على أهمية إشراك التجار في اتخاذ القرار،.. من خلال لجان مشتركة تتابع سير الأشغال وتحترم الجدولة الزمنية والمواصفات المتفق عليها.
في انتظار الكشف عن تفاصيل التصميم الجديد، يظل درب غلف علامة فارقة في ذاكرة البيضاء،.. لا يحتاج فقط إلى إصلاح عمراني، بل إلى وعي حضري يحفظ تاريخه الاجتماعي ويضمن بقاءه كأحد رموز الاقتصاد الشعبي المغربي.