الأكثر مشاهدة

قاذفات أمريكية تمر من فوق الجزائر لقصف إيران.. فأين السيادة يا نظام العسكر؟

بينما كان النظام الجزائري يصدر بيانا يعرب فيه عن “أسفه الشديد” للهجوم الأمريكي على منشآت نووية في إيران، كانت القاذفات الأمريكية التي نفذت الضربات تمر فوق الأجواء الجزائرية بكل أريحية. الصورة التي تداولتها وسائل إعلام دولية اليوم أظهرت بوضوح المسار الجوي الذي سلكته طائرات B-2 الأمريكية، والتي أقلعت من جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي، واخترقت المجال الجوي الجزائري قبل تنفيذ الضربات الدقيقة على أهداف إيرانية في نطنز وفوردو وأصفهان.

الصورة لا تكذب. وتثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الجزائر، التي ترفع شعار “السيادة الوطنية” وتدعي مناهضة الإمبريالية، كانت جزءا مباشرا من الغطاء الجوي الذي مكن واشنطن من تنفيذ عملية عسكرية وصفتها طهران بأنها “عدوان غاشم ستكون له عواقب لا تمحى”.

ازدواجية صارخة في مواقف نظام العسكر

- Ad -

ما يثير السخرية في المشهد هو هذا التناقض الفج في الخطاب الجزائري. من جهة، بيانات رسمية تعلن التضامن مع الشعب الإيراني، وتدين بشدة “العدوان الإسرائيلي”، ومن جهة أخرى، فتح للأجواء بشكل كامل أمام قاذفات استراتيجية تنقل آلاف الأطنان من القنابل خارقة التحصينات نحو بلد “حليف” من الناحية الأيديولوجية والسياسية.

ليس هذا هو التناقض الأول من نوعه. قبل سنوات فقط، فتحت الجزائر المجال الجوي نفسه للطائرات الحربية الفرنسية خلال قصفها أهدافا في شمال مالي، في وقت كانت تصدر بيانات تندد بـ”التدخل الأجنبي في إفريقيا”. واللافت أن نفس هذه الجزائر لا تزال تغلق أجواءها أمام الطائرات المغربية المدنية، وتمنع حتى الرحلات التجارية من العبور نحو إفريقيا.

تضامن انتقائي وتحالفات في الخفاء

سلوك الجزائر هذا يؤكد مرة أخرى أن ما يرفع من شعارات في العلن لا يعكس بالضرورة التحالفات الواقعية في الخفاء. فبينما يتغنى الإعلام الرسمي بـ”دعم المقاومة” و”مناهضة الإمبريالية”، تتيح الدولة ذاتها مرور الطائرات الغربية القاذفة فوق أراضيها دون مساءلة أو اعتراض، لتشارك بشكل غير مباشر في عمليات تدمير بنى تحتية لدول شريكة لها في الخطاب السياسي.

إذا كانت الجزائر ترى في نفسها دولة ذات سيادة، فكيف نفسر هذا التواطؤ غير المعلن مع القوات الأمريكية؟ وإذا كانت ترفض التطبيع كما تزعم، فلماذا تساند عمليات قصف لحليفتها إيران؟.

المفارقة أن المغرب، الذي يهاجم لارتباطه المفترض بشراكات عسكرية غربية، لم يشارك في هذا العدوان، بينما كانت القاذفات تمر بسلام فوق سماء الجار الشرقي الذي لا يترك مناسبة إلا ويزايد فيها على الجميع بشعارات “الاستقلالية” و”السيادة” و”الممانعة”.

لقد جاءت الصورة لتفضح المواقف المزدوجة، وتكشف الوجه الحقيقي لنظام يدعي ما لا يفعل. وبينما تدفع الشعوب في المنطقة ثمن الصراعات الكبرى، لا يزال بعض الأنظمة يتقن لعبة “الواجهة الثورية”، بينما يتعاون في السر مع من يقصفون “الحلفاء”.

مقالات ذات صلة