أشعلت صفقة إنشاء محطة تحلية المياه الضخمة في مدينة الدار البيضاء موجة من الجدل والغضب داخل الأوساط السياسية والزراعية بإقليم ألميريا الإسباني، حيث تساءل كثيرون عن أولويات الحكومة المركزية التي تدعم مشروعا خارج الحدود بـ340 مليون يورو، بينما تعاني مناطقهم من انقطاعات مياه متكررة تهدد حياة السكان ومحاصيلهم الزراعية.
المحطة المرتقبة في العاصمة الاقتصادية للمغرب ستكون الأكبر من نوعها في القارة الإفريقية، بقدرة إنتاج يومية تصل إلى 838 ألف متر مكعب، أي ما يعادل 300 مليون متر مكعب سنويا، وهو ما يكفي لتأمين مياه الشرب لأزيد من سبعة ملايين نسمة، حسب ما كشفت عنه تقارير رسمية.
لكن هذا الإنجاز المغربي لم يمر دون أن يثير موجة استنكار داخل إقليم ألميريا، الذي يصنف كأكثر مناطق إسبانيا جفافا، ويعتمد بشكل كبير على محطات تحلية المياه كخيار استراتيجي لضمان استدامة الزراعة وتوفير مياه الشرب. غير أن هذه المنشآت تشهد أعطالا متكررة، وضعفا في الصيانة، ومشاكل في الإمدادات الكهربائية، ما يهدد الأمن المائي في واحدة من أكثر مناطق إسبانيا إنتاجا للغذاء.
إقرأ أيضا: إسبانيا تمول محطة تحلية المياه بالدار البيضاء بـ340 مليون يورو
وبينما ينتظر فلاحو ألميريا توسعة محطاتهم ومضاعفة طاقتها لمواجهة الجفاف الهيكلي الذي ضرب المنطقة منذ سنوات، قررت مدريد، بشكل يثير الاستغراب حسب نشطاء إسبان، تمويل مشروع خارجي بهذا الحجم، تشرف على إنجازه شركة “أكسيونا” الإسبانية ضمن تحالف دولي، حيث وصلت نسبة تقدم الأشغال إلى حدود 20 في المائة.
ومن المنتظر أن تنهي المرحلة الأولى من المشروع في فبراير 2027، بطاقة إنتاجية أولية تبلغ 548 ألف متر مكعب يوميا، بينما ستكتمل المرحلة الثانية في غشت 2028، لتضيف 274 ألف متر مكعب إضافية.
ورغم التهاني الرسمية التي تلقاها المغرب بعد توقيع هذه الصفقة النوعية، فإن أصداء الغضب داخل إسبانيا بدأت تأخذ طابعا سياسيا وانتخابيا في ألميريا، حيث ينظر إلى المشروع باعتباره صفعة للجهات المهمشة داخليا، ومؤشرا على اختلالات عميقة في السياسات العمومية لإدارة الموارد المائية داخل المملكة الإسبانية.