تتغير ملامح حديقة الحيوانات بعين السبع في صمت، بعيدا عن الضجيج الإعلامي الذي طال مشروعها لسنوات. فبعد تعثرات وتوقفات، عادت الأشغال إلى الميدان، وهذه المرة عبر مراحل محددة وأرقام دقيقة، في إطار رؤية جديدة تقودها جماعة الدار البيضاء وشركة “كازا أميناجمان”.
التحول الذي تعرفه هذه الحديقة لا يقتصر فقط على البنيات، بل يشمل أيضا فلسفة جديدة في طريقة التسيير، ونموذج اقتصادي يأخذ في الحسبان الاستدامة، والبعد الاجتماعي، والحفاظ على التنوع البيولوجي.
إعادة التأهيل بالملايين: ثلاث مراحل تقنية دقيقة
أول تدخل تقني ضمن مشروع إعادة التأهيل كان سنة 2023، حيث رصد غلاف مالي قدره 3,7 ملايين درهم لتعزيز الهياكل المعدنية داخل الموقع، وهي خطوة أولى لتحسين السلامة في فضاء الحديقة.
لاحقا، خصص مبلغ 5,1 ملايين درهم لبناء قفص ضخم من الشبك المعدني المقاوم للصدأ، مخصص للطيور. هذا الفضاء سيجمع أنواعا نادرة من الطيور الاستوائية ويضمن تفاعلا بصريا آمنا للزوار.
المرحلة الثالثة، والتي انطلقت مؤخرا، تهدف إلى تجديد مجموعة من المباني داخل الحديقة. ويشمل هذا الورش الضخم إعادة تأهيل شبكات الصرف الصحي، الكهرباء، الماء، أنظمة مكافحة الحرائق، إلى جانب عمليات الهدم، والتدعيم، والتنظيف، والمراقبة التقنية، بكلفة تصل إلى 4,6 ملايين درهم ومدة إنجاز لا تتجاوز ثلاثة أشهر.
من الخراب إلى التنوع: 20 مليون درهم لإعادة الروح للمكان
في أولى مراحل التهيئة الكبرى، تم ضخ 20 مليون درهم لإعادة تصميم الفضاءات الخاصة بإيواء وعرض الحيوانات. وتم ذلك باعتماد نماذج معاصرة تحاكي البيئات الأصلية: مناخ الغابة، الصحراء، السافانا، مع مراعاة رفاهية الحيوان.
هذه الفضاءات شملت أيضا ممرات غامرة وملاجئ طبيعية داخل الأقفاص، بما يمنح الزائر تجربة حسية أكثر واقعية، ويمنح الحيوان فسحة للتفاعل مع محيط يحاكي بيئته الأم.
أكثر من 200 حيوان.. والأسود والتمساح في الواجهة
الحديقة المجددة تستعد لاستقبال أكثر من 200 حيوان يمثلون حوالي 50 نوعا، مع تركيز خاص على الحيوانات ذات الأصول الإفريقية مثل الأسود الأطلسية، والغزلان، والنعام، والتماسيح.
صور أولى لبعض الوافدين الجدد انتشرت مؤخرا، أبرزها فيلَان في فضاء نباتي جديد، إلى جانب جاكوار وأصناف متعددة من الطيور.
إقرأ أيضا: حديقة عين السبع تستقبل دفعة جديدة من الحيوانات تمهيدا للافتتاح المرتقب
ولتجاوز أخطاء الماضي، تم إحداث شركة تدبير خاصة تدعى “كازا بيئة”، تجمع بين جماعة الدار البيضاء،.. شركة كازا برستاسيون، وكازا أميناجمان. هدفها توحيد الجهود التقنية والإدارية والمالية لضمان استمرارية المشروع.
اعتمدت هذه الشركة نموذجًا اقتصاديا مرنا، يقوم على تعريفة متدرجة تراعي القدرة الشرائية للعائلات،.. مع تخفيضات للأطفال والمقيمين والسياح، لضمان إقبال مستمر وتغطية جزئية لتكاليف التسيير.
بعيدا عن الجانب الترفيهي،.. المشروع يطمح إلى الانخراط في شراكات مع المؤسسات التعليمية والمنظمات المدافعة عن البيئة،.. لتكوين جيل جديد يعي أهمية الحفاظ على الحياة البرية والتنوع البيولوجي.