الأكثر مشاهدة

بعد أن قال أن الاقتراض خيانة للشهداء.. تبون يمد يده ويحصل على قرض بـ 3 مليار دولار

في تناقض يثير السخرية أكثر مما يثير الدهشة، فتحت الجزائر خزائنها للقروض الدولية بعد أن أقسم رئيسها عبد المجيد تبون ذات يوم أن “الاقتراض خيانة لدماء الشهداء”. لكن يبدو أن القناعات لا تصمد طويلا أمام واقع الاقتصاد المتعثر الذي يعتمد على ريع النفط والغاز، حيث أعلن محمد سليمان، رئيس البنك الإسلامي للتنمية، أن الجزائر تستعد للحصول على تمويل بقيمة ثلاثة مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات.

وحسب ما نقلته وكالة “رويترز”، فإن هذه المبالغ ستوجَه لدعم مشاريع تنموية، من بينها تطوير شبكة السكك الحديدية، بهدف ربط المناطق الاقتصادية ببعضها. والظاهر أن تبون، الذي جعل من “رفض الاستدانة” عقيدة وطنية، قد أعاد تعريف مفهوم “السيادة” ليصبح مرادفا لتوسيع القطارات بشروط خارجية.

المثير أن هذه الخطوة لم تأت فرادى، بل تزامنت مع إعلان البنك الإسلامي عن تمويلات تفوق 1.32 مليار دولار لفائدة عدد من البلدان الأعضاء، وضمنها الجزائر، تحت عنوان براق: “النمو الشامل والقدرة على الصمود في وجه التغيرات المناخية”.

- Ad -

“السكك الحديدية بديلا عن السيادة.. الجزائر تتراجع عن أسطورة ‘لا للديون'”

التمويلات تمت المصادقة عليها خلال الاجتماع رقم 360 لمجلس إدارة البنك، في قلب العاصمة الجزائرية، ضمن فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك المنعقدة ما بين 19 و22 ماي. المفارقة أن الدولة المضيفة، التي كانت حتى الأمس القريب ترفض أي حديث عن القروض، أصبحت الآن تتصدر قائمة المستفيدين باسم مشاريع في مجالات متنوعة، من الصحة إلى الأمن الغذائي، ومن التدريب المهني إلى البنية التحتية.

وقد يبرر النظام الجزائري هذا التحول الخطابي بمصطلحات فضفاضة من قبيل “الشراكة الاستراتيجية” أو “تمويلات غير مشروطة”، غير أن الواقع يقول شيئا آخر: الخطاب الثوري الذي وظف أثناء ارتفاع أسعار المحروقات ضد المؤسسات المالية الدولية، سقط في أول اختبار جدي أمام ضغط التكاليف وركود الخزينة.

وفي انتظار أن يطلق تبون مرافعة جديدة يعيد فيها تفسير مفهوم “الخيانة”، سيبقى السؤال المطروح في الشارع الجزائري: هل الشهداء الذين رفض تبون الاقتراض باسمهم، سيقبلون الآن أن يموَل الربط السككي من أموال الخارج؟ أم أن السيادة، ككل شيء في السياسة، يمكن أن تعاد صياغتها حسب الحاجة؟

مقالات ذات صلة