وسط مؤشرات تدعو للتفاؤل حول تعافي الاقتصاد المحلي بعد جائحة كورونا، يكشف التقرير الجهوي الرابع للمرصد المغربي للمقاولات الصغرى والمتوسطة عن صورة مزدوجة للوضع المقاولاتي في جهة الدار البيضاء سطات. التقرير، الصادر برسم سنة 2025، يرصد أكثر من 137 ألف مقاولة شخص معنوي نشطة، تمثل 38 في المئة من إجمالي المقاولات النشيطة بالمغرب. لكن هذا الزخم يخفي اختلالات حقيقية ترتبط بالتفاوتات المجالية، هشاشة المقاولات الفتية، والفوارق بين الجنسين.
منذ سنة 2017، عرفت الجهة معدل نمو سنوي بلغ 4.1 في المئة في عدد المقاولات، ليصل عدد الإنشاءات الجديدة إلى قرابة 24 ألف مقاولة سنويا في 2022 و2023. مدينة الدار البيضاء استأثرت لوحدها بـ86 في المئة من هذه المقاولات، فيما بدأت مدن مثل برشيد وبنسليمان في جذب أنشطة صناعية وإنشائية، ما يعكس بداية خجولة لمسلسل اللامركزية الاقتصادية.
لا يزال قطاع “التجارة وإصلاح السيارات والدراجات” يتصدر المشهد بنسبة 30.8 في المئة، رغم تراجعه من 31.8 في المئة سنة 2017. بالمقابل، سجل قطاع البناء تطورا ملحوظا وبلغ 21 في المئة من المقاولات، ما يعكس دينامية في الأوراش الكبرى والعقار.
معدلات الإغلاق تفضح هشاشة البدايات
ورغم ارتفاع عدد المقاولات المحدثة بنسبة 59 في المئة بين 2017 و2023، إلا أن عدد حالات الإغلاق لم يتراجع، بل بلغ 3.349 حالة سنة 2023، مقارنة بمتوسط سنوي لا يتعدى 2.500 حالة قبل الجائحة. المقلق أكثر هو أن 54.5 في المئة من هذه المقاولات المغلقة لا يتعدى عمرها خمس سنوات.
سجلت مقاولات الجهة رقم معاملات إجمالي ناهز 1.399 مليار درهم في 2023، ما يمثل 58.5 في المئة من المستوى الوطني، استحوذت الدار البيضاء منها على 91.5 في المئة، تاركة فتاتا للمحمدية وبرشيد بنسبة 2.9 في المئة فقط لكل منهما. أما القيمة المضافة، فقد بلغت 269 مليار درهم بزيادة 2.3 في المئة مقارنة بسنة 2022.
رغم أنهم أقلية عددية، فإن الشركات الكبرى تحقق 69 في المئة من رقم المعاملات و67.3 في المئة من القيمة المضافة، مقابل 31 في المئة فقط لفائدة المقاولات الصغيرة والمتوسطة، ما يكشف عن تركز الثروة في أيدي قلة.
بلغ عدد الأجراء المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في الجهة 1.83 مليون شخص سنة 2023، مقارنة بـ1.38 مليون في 2016. لكن رغم هذا التطور، فإن 64.6 في المئة من المستخدمين يتقاضون أقل من 4.000 درهم شهريا، و42.7 في المئة دون الحد الأدنى للأجور.