تفجر غضب صامت في صفوف تجار اللحوم الحمراء بالجملة بمجازر مدينة الدار البيضاء، وسط تزايد التذمر من استمرار حرمانهم من الاستفادة الفعلية من نظام التغطية الصحية الإجبارية، رغم مساهماتهم المالية المستمرة منذ شهور طويلة.
هذا التوتر الذي يتصاعد يوما بعد يوم مرده – وفق ما أوردته مصادر مهنية مطلعة – إلى تلكؤ مديرية الضرائب في تفعيل مقتضيات المساهمة المهنية الموحدة، خاصة الشق المتعلق بـ”الواجب التكميلي” الذي يخول لهؤلاء المهنيين الانخراط في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، المنصوص عليه في المادة 73-II-باء 6 من المدونة العامة للضرائب.
مساهمة مهنية مجمدة ووعود اجتماعية معلقة
التجار، الذين ينشطون بالمجازر الحضرية للعاصمة الاقتصادية، عبروا عن استيائهم الشديد من ما وصفوه بـ”الإقصاء غير المبرر”، رغم أدائهم لمبالغ مالية يومية، تصل إلى 2.5 درهم عن كل كيلوغرام من اللحم، تتوزع بين جماعة البيضاء (0.60 درهم) وإدارة الضرائب (0.20 درهم)، التي تحتفظ بـ17 سنتيما منها، وتعيد المتبقي للقصابين.
وفي الوقت الذي دعت فيه الخزينة العامة للمملكة، خلال اجتماعات بحضور المدير العام للضرائب، إلى تحويل مبلغ 0.20 درهم مباشرة لفائدة التغطية الصحية، عبر المهنيون عن رفضهم لهذه الصيغة، معتبرين أن هذه المساهمة كان ينبغي أن تحول لصندوق المجازر، في إطار نظام داخلي واضح وشفاف.
التجار لم يخفوا نيتهم في خوض خطوات احتجاجية تصعيدية، من قبيل تنظيم وقفات احتجاجية، أو حتى التوقف عن الأداء، في حال لم تتم معالجة هذه الوضعية التي يرون فيها “تمييزا ضد فئة تشكل عصب الأمن الغذائي في المدينة”.
يشار إلى أن اتفاقية ثلاثية كانت قد وقعت بين المديرية العامة للضرائب، والمديرية العامة للجماعات الترابية، وممثلي القصابين، من أجل تحديد مساهمة يومية تبلغ 0.40 درهم/كلغ، تؤدى لشفيع الجماعة، باعتبارها تسبيقا برسم الضريبة المهنية والواجب الصحي.
وتؤكد مواد هذه الاتفاقية على ضرورة توفر كل قصاب على رقم تعريف ضريبي، مع الالتزام بتسوية وضعيته الضريبية، وتنص على أن يتم تحويل المستحقات التكميلية نحو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، على أن تضمن الإدارة الجبائية التنسيق والتأهيل التقني لهذا الورش.
غير أن هذه البنود، وعلى الرغم من توقيعها، لم تجد طريقها بعد إلى التنفيذ الكامل، ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول مدى التزام الجهات الرسمية بتطبيق مضامين الورش الملكي الرامي إلى تعميم الحماية الاجتماعية، دون تمييز أو تلكؤ.
تظل أعين المهنيين معلقة على تحرك رسمي يعيد إليهم حقهم المشروع، ويجنب القطاع المزيد من الاحتقان.