الأكثر مشاهدة

واشنطن تختبر جدية الجزائر.. الحكم الذاتي أو الفوضى الإقليمية؟

في خطوة أثارت كثيرا من التكهنات السياسية، أرسل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مستشاره اللبناني-الأمريكي مسعود بولس إلى الجزائر، حاملا مبادرة تعيد طرح مقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية، كمدخل لتسوية النزاع المستمر منذ قرابة نصف قرن.

المبعوث المثير للجدل، المعروف بعلاقته العائلية مع ترامب من خلال زواج ابنه من إحدى بناته، يتمتع بنفوذ اقتصادي كبير في غرب إفريقيا، خصوصا في نيجيريا، حيث يملك مجموعة “سكويا” الناشطة في قطاع السيارات والطاقة. وقد استقبل بولس في الجزائر في زيارة توصف بأنها تحمل “عرضا نهائيا” من واشنطن: قبول الحكم الذاتي أو مواجهة عزلة دبلوماسية أعمق، وربما إعادة صياغة خريطة التحالفات الإقليمية.

في المقابل، يردد مسؤولون جزائريون أن النظام الجزائري مستعد للقبول بأي حل تقبله جبهة البوليساريو، ما يعني أن القرار الحقيقي بيد قيادة الجبهة. لكن هذا الطرح يطرح تساؤلات مشروعة حول مدى استقلالية القرار السياسي للبوليساريو، ومدى استعداد الجزائر فعلا للتخلي عن ورقة وظفتها لعقود في صراعها الإقليمي مع المغرب.

- Ad -

واشنطن تدخل على خط النزاع المغربي الجزائري

المعطيات تشير إلى أن واشنطن عازمة على طي هذا الملف، خاصة بعد أن أكدت إدارة ترامب،.. في إعلان 2020، اعترافها بسيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية، مقابل اتفاقيات تطبيع إقليمية مع إسرائيل. وبينما ظلت إدارة بايدن غامضة في موقفها، فإن تحركات مستشاري ترامب تكشف استمرار النفوذ الجمهوري في هندسة ملفات استراتيجية بالمنطقة.

في هذا السياق، تواجه الجزائر وضعا داخليا مأزوما. الفيضانات الأخيرة كشفت هشاشة البنية التحتية،.. وانعدام التخطيط، وغياب القدرة على الاستجابة للطوارئ، وكذا أزمات مستمرة في المواد الغذائية الأساسية. وتعيش البلاد على وقع صراعات داخلية بين أجنحة الحكم،.. وإقالات واعتقالات طالت مسؤولين أمنيين كبار، بينهم قائد سابق للدرك الوطني.

في ظل هذا المشهد، تزداد عزلة الجزائر، ليس فقط بسبب خلافها مع المغرب،.. بل أيضا بسبب توترات مع مالي والنيجر وليبيا. حتى تقاربها مع موريتانيا يظل مشروطا بتوازنات خارجية تتحكم فيها فرنسا وأبو ظبي.

يبقى السؤال الكبير: هل تملك الجزائر اليوم ما يكفي من التماسك السياسي والرؤية الاستراتيجية لتبني حل واقعي لقضية الصحراء؟ أم أن النظام سيواصل المكابرة، حتى لو كان الثمن مزيدا من العزلة، والانهيار الاقتصادي، والانفجار الاجتماعي؟

مقالات ذات صلة