انقلب المشهد العسكري المتوتر بين الهند وباكستان رأسا على عقب، بعد إعلان مفاجئ عن اتفاق “وقف إطلاق نار فوري وكامل”، جاء إثر وساطة أمريكية استثنائية أنهت واحدة من أخطر جولات التصعيد بين القوتين النوويتين منذ سنوات.
الهدنة، التي أعلنت في الساعات الأولى من صباح السبت، جاءت عقب أيام من تبادل الضربات الجوية وقصف المدفعية وهجمات بطائرات مسيرة، تسببت في مقتل أكثر من 60 مدنيا على جانبي الحدود، ودفعت آلاف السكان إلى الفرار من منازلهم في مناطق التماس بكشمير.
وساطة أمريكية لحظة ما قبل الانفجار
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان أول من زف الخبر عبر منصته “تروث سوشيال”، معلنا عن اتفاق فوري لوقف النار، ومشيدا بـ”حكمة” الهند وباكستان. تصريحات ترامب أتبعت بتأكيد من وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار، بينما تحفظت نيودلهي، مؤكدة أن الاتفاق تم “بشكل مباشر” بين الطرفين دون وساطة خارجية أخرى.
غير أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو كشف عن تفاصيل أعمق، موضحا أن محادثات مكثفة جرت بينه وبين نائب الرئيس جاي دي فانس من جهة، ورئيسي وزراء الهند ناريندرا مودي وباكستان شهباز شريف من جهة أخرى، تم خلالها التوصل لاتفاق لا يشمل فقط وقف القتال، بل فتح باب حوار أوسع في مكان محايد.
بداية التصعيد.. مجزرة في كشمير
الشرارة اندلعت يوم 22 أبريل عندما قتل 26 شخصا في هجوم مسلح استهدف موقعا سياحيا في كشمير الهندية. الهند سارعت إلى اتهام جماعة متطرفة مدعومة من إسلام آباد، فيما نفت باكستان بشدة أي علاقة بالحادثة. ومع تصاعد التراشق السياسي، انزلقت المنطقة نحو مواجهة عسكرية مفتوحة بدأت الأربعاء الماضي.
في ذلك اليوم، نفذت الهند سلسلة ضربات استهدفت ما وصفتها بـ”معسكرات إرهابية” في مدن باكستانية، لترد إسلام آباد لاحقا بهجمات صاروخية استهدفت قواعد عسكرية داخل الأراضي الهندية، من بينها قاعدة “أوانتيبورا” القريبة من سريناغار.
التصعيد المفاجئ دفع آلاف المدنيين في الجانبين للفرار، كما أغلقت الهند 32 مطارا في شمالها الغربي، بينما أعلنت باكستان إغلاق مجالها الجوي بالكامل. مشاهد الذعر عمت محطة القطار في مدينة جامو الهندية، حيث تجمع مئات الفارين من نيران المعارك.
في المقابل، تحدث محمد حسين من كشمير الباكستانية عن ليلة “رعب وصواريخ”، قال إنها دمرت منزله وأجبرته على الفرار بعائلته.
رغم إعلان وقف إطلاق النار، لا تزال الأوضاع قابلة للانفجار، مع غياب أي جدول واضح لمفاوضات سياسية شاملة، واستمرار إغلاق العديد من المنشآت الحيوية في المنطقة. لكن إعلان فتح الأجواء الباكستانية يمنح مؤشرا على نية التهدئة، ولو بشكل مؤقت.
ويبقى السؤال: هل يمهد هذا التوقف المفاجئ لمرحلة جديدة من الحوار؟ أم أن الأمور ستعود سريعا إلى مربع التوتر في منطقة لم تعرف الهدوء منذ أكثر من سبعة عقود؟