أثار إعلان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) اعتماد شعار رسمي لكأس الأمم الإفريقية المقبلة بالمملكة المغربية موجة غضب واسعة لدى الجزائريين، الذين جنحوا كعادتهم نحو إنكار الحقائق والتاريخ، بسبب اعتماده لمسة الزليج المغربي، مدعين ملكيتهم لهذا الفن الأصيل.
منذ أن كشف الكاف عن الفيديو الترويجي للبطولة، والذي يعرض الزليج المغربي مرصعا على الكأس القارية، تصاعدت ردود الفعل الغاضبة من الجزائر. فقد اعتاد الجزائريون لسنوات على الاعتراف بمكانة المغاربة كرواد في صناعة الزليج، حتى أنهم استنجدوا بحرفيي المغرب لترميم قصور تلمسان، التي شيدها المغاربة خلال عهود الدول الإدريسية والمرابطية والموحدية والمرينية. إلا أن النظام العسكري الجزائري، الذي أرسخ في مواطنيه ثقافة التزوير والسطو على تراث الجيران، دفعهم إلى التجرؤ على ادعاء أن الزليج المغربي يعود إليهم.
الزليج المغربي.. أصل الحكاية
لا يختلف اثنان على أن الزليـج المغربي هو تحفة فنية عريقة تعود جذورها إلى قرون مضت، وهو نتاج براعة الصناع المغاربة الذين تفننوا في تصميمه ونقشه بأسلوب يجمع بين الجمال والدقة. تاريخيا، ظل المغرب مركزا لهذا الفن، الذي يزين اليوم قصورا ومساجد وأضرحة عبر العالم، من فاس ومراكش إلى الأندلس وأوروبا.
في المقابل، لم يعرف عن الجزائر أي بصمة تاريخية في هذا المجال سوى محاولة تقليد التصاميم المغربية أو الاستعانة بالحرفيين المغاربة لترميم معالمها. حتى قصور تلمسان، التي تعتبر أبرز معالم التراث الجزائري، تشهد على اليد المغربية التي شيدتها وزينتها بالزليج في أبهى صوره.
ردود الفعل المغربية لم تخل من السخرية على هذه الادعاءات، حيث يرى المغاربة أن النظام الجزائري بات يعيش حالة من “السعار التراثي”، يحاول خلالها نسب كل ما هو مغربي إلى نفسه، من القفطان والطاجين إلى الزليج والموسيقى. وبينما يتغنى العالم بجمالية الزليج المغربي وروعة تصميمه، ينشغل الجزائريون بمحاولات يائسة لنسبه إلى ثقافتهم، وكأنهم يعانون من أزمة هوية لا حل لها إلا بالسطو على ثقافة الآخرين.
شعار الزليج.. تعزيز للهوية المغربية
اعتماد الزليج المغربي شعارا رسميا لكأس الأمم الإفريقية يعد انتصارا جديدا للمملكة، ليس فقط على المستوى الرياضي، بل كرسالة ثقافية تؤكد على تفرد المغرب في الحفاظ على تراثه ونشره عالميا. هذه الخطوة تأتي في سياق تعزيز الهوية المغربية في المحافل الدولية، وتذكير العالم بجذور هذا الفن الذي يجسد عبقرية وإبداع الصناع المغاربة عبر العصور.
بينما ينشغل الجار الشرقي بمحاولات يائسة لإنكار الحقائق، يواصل المغرب تثبيت أقدامه على الساحة الإفريقية والعالمية كحاضنة للثقافة والإبداع. والزليج المغربي، الذي أصبح رمزا للبطولة القارية، سيظل شاهدا على أصالة هذا التراث وعبثية الادعاءات الباطلة التي لا تزيد أصحابها إلا خيبة وارتباكا.