عادت إلى الأضواء بعد غياب دام لمدة ألف عام، المدينة القديمة اليونانية تونيس هيراكليون، التي كانت تغمرها أعماق البحار، وقد كشفت الأمواج العنيفة سرها بإظهار تماثيلها الرائعة والمدهشة.
من بين هذه الاكتشافات المثيرة كانت تماثيل حابي، الإله القديم للخصوبة، الذي كان يحكم نهر النيل ويحرس مصبه عند الساحل الغربي. فقد تعرضت قطع من الأعمال الحجرية المنحوتة بدقة للتحطم جراء هزة أرضية، وعثر عليها من قبل الغواصين قرب الساحل المصري وتم رفعها إلى اليابسة.

وما لبثوا أن اكتشفوا أن تلك القطعة هي من تماثيل حابي، وتم العثور على ست تماثيل أخرى،.. بالإضافة إلى كنوز أخرى تتضمن أطلال المعابد وشظايا من الفخار والمجوهرات الثمينة. وتم العثور أيضا على عملات معدنية وتماثيل نصفية لمصابيح الزيت والصنادل المستخدمة في المواكب.
وفي تصريح لـ “أوريليا ماسون بيرغوف”، أمينة معرض المدن الغارقة في المتحف البريطاني، قالت: “باعتباري عالمة آثار، فإن اكتشاف قبر أمر مثير، لكنه قبر فرد واحد. اكتشاف مدينة بأكملها، كانت موطنا لآلاف وآلاف الأشخاص على مدى أكثر من ألف عام… حسنا، هذا شيء آخر”.
أسرار طروادة تتكشف مع اكتشاف مدينة تونيس هيراكليون!
تعود المدينة التي عرفت باسم Thonis-Heracleion الآن إلى السطح، على الرغم من أن القليل من الناس قد سمعوا عنها من قبل،.. ويعتقد البعض أنها تماثيل مدينة أطلس الغامضة أو بابل أو بومبي. تأسست المدينة قبل حوالي 2700 عام في خليج أبو قير، شمال شرق الإسكندرية، وكانت مركزا تجاريا رئيسيا.
كانت المدينة تسيطر على حركة الملاحة البحرية التي تتجه إلى مصر من البحر الأبيض المتوسط،.. وكانت المكان الذي تم فيه فحص البضائع وفرض الضرائب عليها في الجمارك.

وقد ذكرت ثونيس هيراكليون ومدينة كانوب من قبل عدة مؤرخين عظماء في العصور القديمة، ولكن يعتقد أن المعرفة التفصيلية بمكان وجودهم قد فقدت إلى الأبد.
لقرون عديدة، اعتبر أن الميناء أصبح أسطورة بعد اختفائه تحت مياه البحر الأبيض المتوسط منذ حوالي 1200 عام،.. ولكن تم اكتشافه خلال عمليات المسح قبالة سواحل مصر في بداية القرن الحادي والعشرين.
ومنذ ذلك الحين، اكتشف الباحثون ببطء المزيد والمزيد عن المدينة،.. التي كانت مدخلا لجميع التجارة من اليونان والبحر الأبيض المتوسط إلى مصر.
وقد عثر علماء الآثار على حطام أكثر من 64 سفينة وعملات ذهبية وتماثيل عملاقة يبلغ طولها 16 قدما. وتم إحضار ألواح حجرية منقوشة باللغتين اليونانية القديمة والمصرية القديمة إلى السطح.

على الرغم من هذه الاكتشافات الرائعة، إلا أن العلماء لا يزالون يجتهدون في محاولة فهم سبب انزلاق المدينة إلى الماء بعد مرور ما يقرب من 1000 عام من بنائها في القرن الثامن قبل الميلاد. وقبل أن تختفي، كانت تقع عند مصب دلتا نهر النيل.
يعتقد أن باريس وهيلين طروادة تقطعت بهم السبل في المدينة أثناء فرارهم من مينيلوس الغيور، قبل بدء حرب طروادة. ويعتبر تمثال ضخم من الجرانيت الأحمر لحابي – إله فيضان النيل – واحدا من أكبر التماثيل التي تم العثور عليها على الإطلاق، ويشير إلى أهمية المنطقة.
ومع مرور الوقت، واجهت مدينة ثونيس هيراكليون ومدن أخرى مصيرا مشابها،.. فتلاشت من الذاكرة ولم تتم الإشارة إليها إلا في عدد قليل من النصوص التاريخية.