لم يبدأ الخطاب الرسمي هذه المرة من عبارة “لدينا رؤية استراتيجية”، بل من جملة تكررت على لسان أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات: “الفلاحة خاصها الماء”. لكن، خلف هذا التأكيد، يبرز سؤال مركزي يتردد في الشارع المغربي: واش فعلا عندنا الماء؟ وهل المغرب، في ظل الجفاف المتواصل، ما زال بلدا فلاحيا كما نردد في المقررات المدرسية والخطابات الوزارية؟
أوضح البواري أن الحكومة تشتغل على توفير الماء الشروب والفلاحي عبر مشاريع تحلية متعددة، من وجدة شرقا إلى الداخلة في أقصى الجنوب، مشيرا إلى محطة الحسيمة التي تشتغل، ومحطة الناظور التي ستغطي مدن الشرق: وجدة، بركان، السعيدية، الناظور، الدريوش. كما يجري العمل على محطة بطنجة، وأخرى في الرباط، وثالثة بالدار البيضاء يرتقب أن تكتمل نهاية 2026 أو بداية 2027، بالإضافة إلى محطة في الجديدة مرتبطة بأسفي، في إطار شراكة مع المكتب الشريف للفوسفاط، الذي سيساهم أيضا في تمويل مشروع يزود مراكش بـ80 مليون متر مكعب من المياه.
وعلى مستوى الجنوب، أشار الوزير إلى محطة اشتغلت فعلا بأكادير ويجري توسيعها،.. مع إنجاز محطة أكبر بتيزنيت بسعة 350 مليون متر مكعب، إضافة إلى محطات في طانطان،.. كلميم، العيون، بوجدور والداخلة. وشدد على أن بعض هذه المشاريع بدأت فعلا، بينما تنطلق أخرى خلال 2025.
لكن وسط كل هذا الحديث عن محطات وشراكات وتمويلات، يبرز الواقع الصعب: السدود جافة أو شبه فارغة، والفلاحون في المناطق الجافة يعيشون الخطر يوميا. الوزير يعترف صراحة: “أعطينا الأولوية للماء الشروب، لكن الفلاح أيضا عندو شجر، عندو الكسيبة،.. ما لقا ما يشربها، خصو الماء، راه لا فلاحة بلا ماء، ما كاين والو.”
الرهان الحالي حسب البواري، هو ضمان توازن بين حاجيات الشرب وحاجيات السقي، عبر تحلية المياه،.. لتأمين 150 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية، مهما كانت الأحوال المناخية، سواء نزلت الأمطار أم لم تنزل.