الأكثر مشاهدة

الثقة المفقودة.. لماذا ابتعد المغاربة عن الإعلام التلفزيوني؟

لم تعد الشاشات المغربية قادرة على جذب انتباه المشاهد كما في السابق. فبينما تتسابق القنوات الخاصة والعامة في بث برامج ترفيهية ومسلسلات مدبلجة أو حوارات سياسية جامدة، يزداد شعور المواطن المغربي بأن الإعلام التلفزيوني يعيش حالة انفصال عن واقعه اليومي، وأن ما يبث على الشاشة لا يعكس حقيقة ما يعيشه في الشارع.

أزمة محتوى وأزمة مصداقية

تظهر استطلاعات الرأي غير الرسمية وتعليقات المتابعين على المنصات الرقمية أن ثقة المغاربة في الإعلام التلفزيوني تراجعت بشكل غير مسبوق. فالكثير من المواطنين يعتبرون أن القنوات العمومية، بدل أن تكون منبرا يعبر عن همومهم، تحولت إلى أداة رسمية لنقل الخطاب الرسمي وتكرار نفس الوجوه والمقاربات.
برامج النشرات الإخبارية غالبا ما تتهم بالانتقائية في تناول المواضيع، إذ يتم التركيز على إنجازات الدولة ومشاريعها دون الخوض بجرأة في الملفات الاجتماعية الحساسة، مثل أزمة التعليم والصحة والبطالة والفساد المحلي.

الفجوة بين الشاشة والمواطن

يعيش المشاهد المغربي اليوم في زمن رقمي مفتوح، حيث يجد في الإعلام البديل – من منصات رقمية وقنوات يوتيوب – نقاشات أكثر حرية وجرأة. هذه المقارنة اليومية بين التلفزيون والفضاء الرقمي جعلت القنوات الوطنية تبدو قديمة في أسلوبها، بطيئة في تفاعلها، ومتحفظة أكثر مما يجب.
بات المواطن يشعر بأن التلفزيون “يتحدث بلغة الخشب”، في حين أن واقع الشارع يحتاج إلى لغة حية، قريبة، وصادقة.

- Ad -

ورغم الدعم المالي الكبير الذي يتلقاه الإعلام العمومي من ميزانية الدولة، فإن ذلك لم يُترجم إلى تحسين نوعي في المضامين أو تطوير التجهيزات والكوادر الصحفية.
ففي الوقت الذي تتغير فيه أنماط المشاهدة وسلوك الجمهور، ما زالت بعض القنوات تراهن على نفس البرامج والوجوه منذ أكثر من عقدين، وكأن الزمن توقف في استوديوهاتها.

لا يمكن للإعلام التلفزيوني أن يستعيد مكانته إلا من خلال مصالحة حقيقية مع المواطن. هذه المصالحة تبدأ بالاعتراف بالأخطاء، وبفتح المجال أمام الأصوات الجديدة والمستقلة، وبإعطاء الأولوية للميدان على حساب المكاتب.
فحين يرى المواطن أن التلفزيون يعكس واقعه ويطرح قضاياه بصدق، سيتوقف عن البحث عن الحقيقة في “اليوتيوبر” أو في “الصحافة البديلة”.

مقالات ذات صلة