في زمن لم يعد فيه أي سلوك بعيدا عن أعين المواطنين وعدسات هواتفهم، وجدت المديرية العامة للأمن الوطني نفسها أمام امتحان جديد للصرامة والشفافية، بعد انتشار مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر اثنين من عناصر الشرطة بزيهما الرسمي، وهما بصدد القيام بتصرفات وصفت بغير المشروعة.
مصدر أمني أوضح أن المديرية لم تنتظر كثيرا، إذ سارعت فور رصد الشريط إلى تكليف المفتشية العامة للأمن الوطني بفتح بحث معمق قصد التحقق من حقيقة ما وثقته الصور، ورصد أي خروقات محتملة قد تشكل إخلالا بواجب الانضباط المهني أو مساسا بهيبة جهاز الأمن. كما شدد المصدر ذاته على أن التحقيق لن يقتصر على تحديد طبيعة الأفعال، بل سيشمل أيضا المسؤوليات المهنية والقانونية المترتبة عنها، في أفق ترتيب الجزاءات التأديبية أو حتى القضائية إذا ما ثبتت التجاوزات.
وبينما يترقب الرأي العام نتائج هذا التحقيق، تؤكد المديرية العامة للأمن الوطني من جديد التزامها الثابت بربط المسؤولية بالمحاسبة، وتطبيق القانون بحزم على كل من يثبت تورطه في ممارسات لا تتوافق مع الضوابط القانونية أو الأخلاقية للمهنة. فالمؤسسة الأمنية، كما يقول مسؤولوها، تضع ثقة المواطنين فوق كل اعتبار، وتعتبر الشفافية والمساءلة حجر الزاوية في ترسيخ هذه الثقة.
القضية إذن تتجاوز مجرد فيديو متداول، لتعيد إلى الواجهة النقاش حول ضرورة صيانة صورة رجل الأمن باعتباره ممثلاً للدولة وحارسا لسيادة القانون، ولتؤكد أن عصر التساهل مع الانزلاقات قد ولى، وأن المحاسبة صارت قاعدة لا استثناء فيها.


