أربك شهر أبريل 2025 حسابات علماء المناخ مجددا، بعدما حافظ على وتيرة مرتفعة غير مسبوقة في درجات الحرارة، لتتواصل بذلك سلسلة الشهور الحارة التي تشهدها الأرض منذ منتصف 2023، وسط مخاوف متزايدة من اقتراب نقطة اللاعودة المناخية.
وفقا لتقرير صدر عن مرصد “كوبرنيكوس” الأوروبي، فإن شهر أبريل الأخير يعد ثاني أكثر أشهر أبريل حرارة منذ بدء تسجيل البيانات المناخية عام 1850، ولا يسبقه سوى أبريل 2024.
موجة احترار غير مفهومة بالكامل
البيانات، المستقاة من مليارات القياسات عبر الأقمار الصناعية ومحطات الرصد، أكدت استمرار الاحترار بدرجات تتجاوز في معظمها 1.5 درجة مئوية فوق معدل الحقبة ما قبل الصناعية (1850 – 1900)، وهو السقف الذي حدده اتفاق باريس للمناخ كهدف حاسم لتفادي الكوارث المناخية.
وصرح يوهان روكستروم، مدير معهد “بوتسدام” الألماني لأثر المناخ، بأن العام 2025 كان من المفترض أن يشهد تباطؤا في الاحترار مع انحسار ظاهرة “النينيو” الدافئة، لكن ما حدث هو العكس. وقال: “يبدو أننا عالقون في مرحلة من التسخين السريع، وهذا مثير للقلق الشديد”.
كانت الآمال العلمية معقودة على أن تسهم ظاهرة “لانينيا” – التي تعرف بتأثيرها البارد – في خفض درجات الحرارة، لكن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تؤكد أن تأثيرها كان “ضعيف الشدة”، وقد بدأ يتلاشى منذ ديسمبر، مما خفف من قدرتها على كبح الارتفاع الحراري.
حسب دراسة أولية شارك فيها خمسون عالما مناخيا بقيادة البريطاني بيرس فورستر، فإن حرارة الأرض في عام 2024 بلغت في المتوسط 1.36 درجة مئوية فوق المعدل المرجعي. أما “كوبرنيكوس” فيؤكد أن هذا المتوسط قد ارتفع الآن إلى 1.39 درجة.
وحذرت سامنثا بورجيس من مركز كوبرنيكوس من أن العالم على وشك تجاوز سقف 1.5 مئوية بشكل دائم، مشيرة إلى أن هذا السيناريو قد يتحقق بحلول عام 2029، أي خلال أقل من أربع سنوات.
الأثر الكارثي لكل عشر درجة
الباحث الفرنسي جوليان كاتيو من مركز CNRS أكد بدوره أن تجاوز هذا العتبة ليس مجرد رقم، بل له تداعيات مضاعفة على وتيرة الجفاف، وموجات الحر، والكوارث الطبيعية. وقال: “كل عشر درجة إضافي يعني مضاعفة في حجم التهديدات”.
وأضاف: “علينا الآن أن نكافح من أجل أن لا يتجاوز الاحترار نهاية القرن سقف 2 أو 4 درجات، لأن الفرق بينهما سيكون حاسما لمصير الحياة على الأرض”.
الأسباب خلف التسارع.. ما زالت محل جدل
بينما لا جدال في أن حرق الوقود الأحفوري (الفحم، الغاز، والنفط) هو السبب الرئيسي وراء الاحترار، فإن الأبحاث العلمية باتت تركز على عوامل أخرى قد تؤثر أيضا، مثل تراجع الغطاء السحابي، انخفاض التلوث الجوي، وتراجع قدرة الأرض على امتصاص الكربون في الغابات والمحيطات.
وتظهر السجلات المناخية المستمرة منذ عام 1850 أن المناخ الحالي يعد الأعلى حرارة منذ 120 ألف سنة، وفقا لتحليل بيانات “كوبرنيكوس” وأرشيفات علمية تشمل أنوية الجليد، رواسب المحيطات، وغيرها من الأدلة البيئية.