في خطوة تهدف إلى إنعاش قطاع الألبان المتعثر في الجهة الشرقية، أطلقت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات مبادرة جديدة تروم إعداد تشخيص دقيق لسلسلة الحليب بالجهة، إلى جانب وضع خطة استراتيجية متكاملة وخارطة طريق عملية لإعادة هيكلة وتنمية هذه السلسلة الحيوية.
الهدف المركزي للمشروع هو إرساء نموذج إنتاجي متماسك ومستدام، يضمن اندماج الفاعلين المحليين في سلسلة القيمة ويعزز من قدرتهم على الصمود في وجه الأزمات. ويأتي هذا المشروع في إطار برنامج “إحياء”، الموجه لإنعاش المناطق القروية المغربية عبر التشغيل وريادة الأعمال في القطاعين الفلاحي وشبه الفلاحي.
الوزارة تعتزم، من خلال هذا المشروع، إجراء دراسة ميدانية تشمل كل جوانب سلسلة إنتاج الحليب،.. بدءا من ظروف التربية والبيئة المناخية، مرورا بآليات التسويق والتثمين، وانتهاء بالتتبع والجودة. وتستند هذه الدراسة إلى تشخيص مواطن الضعف والقيود التي تعيق نمو السلسلة، وتحليل أدوار مختلف المتدخلين في المنظومة الحليبية على المستوى الجهوي.
ومن بين أبرز محاور الدراسة: بناء آليات تنظيم جماعي لإنتاج وتثمين وتسويق الحليب،.. وتحسين قابلية التتبع، وتشجيع الممارسات الفلاحية الذكية والمستدامة.
قطاع الألبان.. إنتاج متواضع وسط إكراهات متعددة
تظهر المعطيات أن قطاع الحليب يلعب دورا اقتصاديا واجتماعيا وتغذويا بالغ الأهمية،.. حيث يغطي حوالي 96% من الطلب الوطني، ويوفر قرابة 48.7 مليون يوم عمل سنويا. إلا أن الإنتاج الوطني عرف تراجعا حادا، بلغ نحو 20% في سنة 2022 مقارنة بسنة 2019، بفعل جفاف استثنائي،.. وندرة الأعلاف، وتراجع عمليات التلقيح الاصطناعي، إلى جانب تداعيات ما بعد الجائحة.
ويبرز الطابع التقليدي لسلسلة الإنتاج، حيث تمثل الضيعات الصغيرة التي تتوفر على أقل من 10 رؤوس أبقار 90% من مجموع المزارع، مقابل 8% للضيعات المتوسطة، و2% فقط للضيعات الكبيرة.
استجابة لهذا الوضع المقلق، بادرت الوزارة إلى اتخاذ جملة من الإجراءات، من بينها دعم الأعلاف المركبة،.. وإعفاء الأعلاف المستوردة من الضريبة على القيمة المضافة،.. إلى جانب عقد برنامج وطني للفترة 2023-2030، وتخصيص 10 ملايير درهم لدعم الفلاحين،.. منها 4 ملايير موجهة لتربية الأبقار والماعز والأغنام.
الوزارة تؤكد أن استعادة دينامية القطاع تستدعي إرساء مناخ ملائم يدمج سياسات عمومية واضحة،.. وأدوار فاعلة للمجتمع المدني والتنظيمات المهنية،.. إلى جانب التحول نحو سوق منظم وشفاف يراعي مصلحة المنتج والمستهلك على حد سواء.
وبذلك، فإن الجهة الشرقية تستعد لأن تكون نموذجا في تطوير سلسلة حليب متماسكة،.. قادرة على الصمود والتجدد في سياق وطني يعرف تحولات بيئية واقتصادية متسارعة.