تحرك جديد تشهده مدينة طنجة بخصوص واحد من أكبر مشاريعها التنقلية، حيث شرعت السلطات المحلية والجهات الشريكة في استكمال الدراسات الأولية المتعلقة بإطلاق شبكة ترامواي تمتد بين 25 و30 كيلومترا، في إطار اتفاقية شراكة تضم مجلس المدينة، جهة طنجة تطوان الحسيمة، وكالة تنمية أقاليم الشمال، ووزارة النقل واللوجستيك.
ويهدف هذا المشروع، الذي يقدر غلافه المالي بـ8,4 مليار درهم، إلى وضع حد للازدحام المروري الحاد الذي تعرفه المدينة، خصوصا على المحاور الرابطة بين المركز الحضري والملعب الكبير، وهي النقطة السوداء التي لفتت انتباه لجان تقييم البنية التحتية لاحتضان مونديال 2030 المشترك مع إسبانيا والبرتغال.
رغم أن أول لقاء رسمي حول هذا المشروع يعود إلى دجنبر 2014، بحضور شركات مثل “ألستوم”، “ترانسديف”، و”SNCF”، إلا أن المشروع لم يعرف تقدما فعليا سوى مؤخرا. فقد شهدت السنوات الماضية سلسلة من النقاشات والاجتماعات التقنية، وتم الإعلان سنة 2015 عن تأسيس شركة للتنمية المحلية برأسمال 8,4 مليون درهم.
انطلقت بعدها الدراسات التفصيلية التي أوكلت لشركة “Wahlstrom”، ووضعت تصورا أوليا لمسارات الخطوط، حيث يتوقع أن ينطلق أحدها من المنطقة الصناعية البحرية قرب محطة “TGV”، ويمر عبر أحياء بني مكادة، مغوغة، إلى كزناية والمنطقة الحرة، فيما تخترق خطوط أخرى شوارع رئيسية كـ “مولاي إسماعيل” لتربط بين الأحياء السكنية والقطب الجامعي.
ضغط دولي وتمويلات فرنسية مغربية
يتجاوز هذا المشروع الطابع المحلي، فإلى جانب الرغبة في تحديث وسائل النقل وتقليص التلوث، يأتي المشروع ضمن دفتر التحملات الخاص بالاستعداد لكأس العالم 2030، ما يمنح للترامواي بعدا دوليا وحافزا سياسيا إضافيا.
وقد أعلنت الأسبوع الماضي المسؤولة عن شركة “ألستوم ترانسبور المغرب”، السيدة “تي-ماي تران”، أن 65% من تكلفة المشروع سيتم تمويلها من الأموال العمومية الفرنسية (بين منح وقروض)، بينما ستغطي الدولة المغربية النسبة المتبقية. كما طرحت إمكانية التمويل عبر البنك الأوروبي للاستثمار (BEI)، بينما تلقى عمدة المدينة دعوة لزيارة ورشات تصنيع عربات الترامواي في مدينة “لاروشيل” الفرنسية.
مشروع بثلاثة أبعاد… وثلاثة رجال
اللافت أن مشروع ترامواي طنجة ولد تحت إشراف ثلاثة ولاة (اليعقوبي، مهيدية، والتازي)، وتبناه ثلاثة رؤساء مجالس بلدية (فؤاد العماري، البشير العبدلاوي، ومنير ليموري)، ما يجعل رقم “3” يتكرر في كل مفاصل هذا الورش الحاسم، في رمزية قد تحمل “فألا حسنا” لمدينة تراهن على نقل نوعي في البنية الحضرية.
إن سوء التنقيط السابق من طرف لجان “الفيفا” بسبب أزمة المرور في طنجة يضع هذا المشروع أمام مسؤولية وطنية تتجاوز طموحات الجهة الشمالية. فشبكة الترامواي تمثل الآن خيارا حتميا لضمان جاهزية المدينة لمنافسة المدن الكبرى المستضيفة للمونديال، ولتقديم تجربة حضرية صديقة للبيئة وسريعة التنقل.