في خطوة غير مسبوقة لمكافحة الاحتيال في نظام التقاعد، أعلنت محكمة الحسابات الفرنسية عن تشديد مراقبتها على معاشات المتقاعدين المقيمين بالخارج، وعلى رأسهم أولئك المقيمين في المغرب، في إطار خطة واسعة تستهدف وقف نزيف مالي يقدّر بحوالي 60 مليون أورو سنويا.
فمن المنتظر أن يتلقى مئات الآلاف من المتقاعدين الفرنسيين في الخارج رسائل من بنوكهم تطلب منهم إثبات أحقيتهم في مواصلة تقاضي المعاش، وهي مبادرة أطلقتها المؤسسة المشرفة على نظام التقاعد التكميلي “أجيرك-أركو” (Agirc-Arrco)، بهدف إحكام المراقبة والحد من التحايل.
ويقدر عدد المستفيدين من معاشات فرنسية بالخارج بمليون متقاعد، يعيش 77 في المئة منهم في ست دول، من بينها المغرب، الجزائر، البرتغال، إسبانيا، إيطاليا وبلجيكا.
ووفق التقرير الصادر عن محكمة الحسابات، فإن البرنامج الجديد سيبدأ تطبيقه ابتداء من عام 2025، حيث ستستدعى سنويا نسبة من المتقاعدين المقيمين في الخارج لتأكيد وجودهم عبر البنوك المتعاقدة مع نظام التقاعد الفرنسي. في الجزائر مثلا، سيتم استدعاء 60 ألف متقاعد سنويا، أي مراقبة شاملة لجميع المستفيدين خلال ست سنوات فقط.
أما في المغرب وتونس وتركيا، فستعزز المراقبة عبر آليات رقمية متطورة، إذ تخطط السلطات لاستخدام تقنيات التعرف على الوجه عبر الهواتف الذكية لتأكيد هوية المتقاعد، إضافة إلى تبادل إلكتروني للبيانات بين صناديق التقاعد في الدول المعنية.
ويرى المدير العام لصندوق التأمين على الشيخوخة، رونو فييار، أن هذه الإجراءات ليست فقط لمحاربة الغش، بل أيضا لترسيخ الثقة في النظام التقاعدي الفرنسي، قائلا: “حتى وإن لم تكن هذه الخسائر ضخمة مقارنة بحجم الميزانية العامة، إلا أن الرمزية قوية، لأننا نطلب تضحيات من المواطنين، ولا يمكن التساهل مع من يتحايل على المال العام.”
هذه العملية الرقمية الموسعة، التي تجمع بين المراقبة البنكية والذكاء الاصطناعي، تعكس مرحلة جديدة في إدارة المعاشات الفرنسية بالخارج، حيث يلتقي الهاجس المالي بالأمن الرقمي في محاولة لإعادة الانضباط والثقة إلى نظام ظل لسنوات عرضة للثغرات.


