في خطوة غير مسبوقة تعكس صرامة الدولة في حماية الأمن الغذائي، قررت السلطات المغربية إغلاق تسع مطاحن وتعليق تراخيص أربع وحدات أخرى، بعد رصد “تلاعبات خطيرة” مست جودة الدقيق الموجه للاستهلاك الوطني.
القرار الذي أثار جدلا واسعا في الأوساط الاقتصادية والاجتماعية، جاء عقب تصريحات مثيرة أطلقها النائب البرلماني أحمد التويزي، عن حزب الأصالة والمعاصرة، اتهم فيها بعض المطاحن بـ”طحن مواد غريبة، من بينها الورق”، وبيعها للمواطنين على أنها دقيق مدعّم.
هذا الاتهام الخطير دفع الحكومة إلى التحرك بسرعة، حيث تم فتح تحقيق قضائي بإشراف النيابة العامة المختصة، وتكليف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بإنجاز أبحاث دقيقة تشمل سلاسل الإنتاج والتوزيع، وتدقيق آليات المراقبة التقنية والإدارية داخل القطاع.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن الإجراءات المعلنة ذات طابع تحفظي مؤقت، في انتظار ما سيسفر عنه التحقيق من نتائج نهائية قد تحدد المسؤوليات وتكشف حجم التجاوزات.
ويرى مراقبون أن هذه التطورات تمثل منعطفا حاسما في مراقبة قطاع المطاحن، الذي لطالما أثار الجدل حول جودة الدقيق المدعم الموجه للفئات الهشة. فالدولة، من خلال هذه الخطوة، تبعث برسالة واضحة: “التلاعب في قوت المغاربة لن يسمح به بعد اليوم”.
وينتظر أن تعزز هذه الحملة من ثقة المواطنين في المنتوج الوطني، وتدفع بالمؤسسات الصناعية نحو التزام أكبر بالمعايير الصحية والقانونية. فمعركة الأمن الغذائي، كما تقول الحكومة، لم تعد تقنية فحسب، بل أصبحت قضية سيادة ومسؤولية وطنية تمس كرامة المواطن وحقه في غذاء سليم وآمن.


