الأكثر مشاهدة

فضيحة تهز “ابن رشد”: تحقيق عاجل في اتهامات خطيرة بـ “الاتجار بدماء أطفال زهريين” داخل مستشفى الهاروشي

تعيش أروقة مستشفى عبد الرحيم الهاروشي للأطفال، التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، على وقع عاصفة غير مسبوقة من التحقيقات والاتهامات، بعدما تفجّرت فضيحة وصفت بـ”المروعة”، تتعلق بما أثير حول الاتجار في دماء أطفال “زهريين” داخل القسم ذاته.

مصادر مطلعة كشفت أن لجنة خاصة، تضم أساتذة وأطباء من المركز الاستشفائي، باشرت جلسات استماع مكثفة مع عاملين وأطر طبية بقسم الأمراض الباطنية، بتعليمات مباشرة من الإدارة العامة، عقب انتشار شريط مصور صادم على “فيسبوك”، ظهر فيه طبيب شاب يتحدث بالصوت والصورة عن ممارسات غامضة “تشمّ منها رائحة الشعوذة واستغلال دماء الأطفال في طقوس غريبة”.

الطبيب الذي يدعى أحمد جرمومي، وهو مقيم متخصص في جراحة العظام والمفاصل، لم يتردد في توجيه اتهامات مباشرة إلى بعض العاملين داخل المستشفى، قائلا إن “منشفات ملوثة بدماء أطفال يتميزون بصفات جسدية معينة تحتفظ بها بطريقة مشبوهة، قبل أن تختفي إلى وجهات مجهولة”.

- Ad -

وحسب روايته، فإن بعض هؤلاء الأطفال يحملون ما يعرف شعبيا بصفات “الزهريين”، الذين يعتقد أن دماءهم تستعمل في طقوس البحث عن الكنوز واستحضار الجن، وهي ممارسات تتقاطع فيها الخرافة مع الجريمة، وتضرب في عمق أخلاقيات الطب والإنسانية.

جريدة “الصباح”، التي كشفت تفاصيل القضية، أوضحت أن الطبيب جرمومي طالب وزارة الصحة بفتح تحقيق معمق في الملفات الطبية لعمليات جراحية تخص الأطفال في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن “الانحرافات لا تقف عند هذا الحد”، بل تمتد إلى “التحايل في بعض التدخلات الجراحية، والتلاعب بنسب نجاحها”.

محاولات الصحيفة للحصول على توضيحات من إدارة مستشفى الأطفال باءت بالفشل، بعدما رفض مدير المستشفى، سعيد سالمي، الإدلاء بأي تصريح مكتفيا بعبارة مقتضبة: “إلى بغيتي شي حاجة جي عندي، أنا فاجتماع دابا”.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يخرج فيها الطبيب جرمومي عن صمته، إذ سبق أن نشر سلسلة من التسجيلات المصورة، تناولت ما سماه “الفساد والفوضى داخل مستشفيات المملكة”، قبل أن تنفجر فضيحة مستشفى الحسن الثاني بأكادير، لتعيد إلى الواجهة قضية الأخلاقيات المهنية والظروف القاسية التي يعيشها الأطباء المقيمون.

في تصريحاته الأخيرة، وصف جرمومي بيئة العمل داخل المستشفيات الجامعية بأنها “سامة بكل المقاييس”، مشيرا إلى غياب التأطير العلمي وضعف التكوين البيداغوجي، مقابل انتشار “ثقافة الإهانة والضغط النفسي”، التي دفعت العديد من الأطباء الشباب إلى مغادرة التخصص أو حتى البلاد.

الإحصاءات التي نشرها الطبيب نفسه ترسم صورة قاتمة: بين 2020 و2025 تم الإعلان عن 36 منصب إقامة في تخصص جراحة الأطفال، لكن لم يحتفظ القسم سوى بستة أطباء مقيمين فقط. البقية انسحبوا تباعا، تحت وطأة الإحباط، وانعدام الكرامة المهنية، وغياب الثقة في المنظومة الصحية.

بين اتهامات الطبيب وصمت الإدارة، تبقى الحقيقة رهينة تحقيقات لجنة ابن رشد، في انتظار أن تكشف الأيام المقبلة إن كانت المسألة مجرد إشاعة تضخمت على مواقع التواصل، أم أنها قنبلة أخلاقية حقيقية تهز صورة الطب العمومي بالمغرب.

مقالات ذات صلة