تساؤلات عديدة يثيرها واقع “إعداديات الريادة”، المشروع الطموح الذي أطلقته وزارة التربية الوطنية على أمل تحسين جودة التعليم وتجويد المسارات الدراسية، لكنه يواجه اليوم تحديا مبكرا وصادما يتمثل في تسجيل 2544 حالة انقطاع عن الدراسة منذ انطلاق الموسم الدراسي الحالي 2024-2025.
وحسب ما كشفت عنه المعطيات الرسمية للوزارة، فقد تصدرت جهة مراكش آسفي لائحة التلاميذ المنقطعين بـ414 حالة، وهو رقم يعادل 1.3% من مجموع تلاميذ المؤسسات التجريبية، متبوعة بجهة سوس ماسة بـ362 تلميذا منقطعا، ثم جهة الدار البيضاء سطات بـ349 تلميذا وتلميذة.
وتبرز أرقام الهدر بشكل أكثر حدة في جهات كانت من المفترض أن تكون الأقل تضررا. فجهة بني ملال خنيفرة، رغم أنها لم تسجل أعلى عدد من المنقطعين (186 فقط)، إلا أنها تحتل الصدارة من حيث نسبة التسرب بـ2.1%، تليها جهة الشرق بـ1.8%، ثم الدار البيضاء سطات بـ1.4%.
ولا تقل الصورة قتامة في جهات أخرى، منها جهة فاس مكناس (253 حالة)، الرباط سلا القنيطرة (248)، والشرق (239). أما أدنى معدلات الانقطاع فقد سجلت في جهات الصحراء: العيون الساقية الحمراء (45)، الداخلة وادي الذهب (43)، وكلميم واد نون (38).
في هذا السياق، تعمل الأكاديميات الجهوية، بتنسيق مع الوزارة، على إطلاق عمليات دعم مؤسساتي، أنشطة تربوية موازية، وتفعيل الأندية المدرسية، في محاولة للحد من نزيف الانقطاع. وتندرج هذه التحركات ضمن خارطة الطريق 2022-2026 التي تضع من بين أهدافها الأساسية تقليص الهدر المدرسي وتحسين مستويات التعلُّم.
ويذكر أن تجربة “إعداديات الريادة” انطلقت بشكل تجريبي في 232 مؤسسة إعدادية خلال الموسم الحالي، مع التطلع إلى تعميمها تدريجيا لتشمل 730 مؤسسة خلال الموسم المقبل، على أن يتم التعميم الكلي بحلول 2028-2029.
رغم الجهود الرسمية، فإن الأرقام الحالية تعكس خللا بنيويا يحتاج إلى مراجعة أعمق في فلسفة المشروع وأدواته، لأن استمرار الانقطاعات بهذا الشكل قد يحول المشروع من رافعة للإصلاح إلى شاهد إضافي على فشل السياسات التعليمية في استبقاء التلاميذ داخل الفصول الدراسية.