تحدث أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بنبرة واقعية عن معضلة الماء في المغرب، مؤكدا أن التحدي الحقيقي اليوم ليس في وفرة المياه، بل في حسن تدبيرها وتوجيهها لتحقيق قيمة مضافة للبلاد وتشغيل المغاربة.
في تصريح إعلامي صريح، شدد الوزير على أن أقل من 5٪ من المياه المخصصة للفلاحة تستخدم في المنتجات الفلاحية الموجهة للتصدير، ضاربا عرض الحائط بالتقديرات المبالغ فيها التي تروج حول كلفة الفلاحة التصديرية على الموارد المائية، قارنة بالأثر الاقتصادي والاجتماعي الناتج عن هذه الأنشطة.
وطرح البواري مثالا عن الطماطم المغطاة التي تنتج خارج الموسم الطبيعي، تحت بيوت بلاستيكية في سوس، وتسقى حاليا بمياه محطات التحلية بدل المياه الجوفية. وأشار إلى أن كل هكتار واحد من هذه الزراعة يخلق نحو 2500 يوم عمل في السنة، بينما لا توفر زراعة الحبوب أكثر من خمسة أيام شغل سنويا للهكتار الواحد.
وتابع قائلا: “إذا أردنا إنتاج 60 إلى 70 مليون قنطار من الحبوب محليا،.. فنحن بحاجة إلى تخصيص مليون هكتار، من أصل 1.6 مليون هكتار المسقية في المغرب، للحبوب فقط،.. وهذا غير واقعي… لأنه ببساطة لن يخلق الشغل في العالم القروي”.
وانتقد الوزير عقلية تفضيل الزراعات التقليدية على حساب الزراعات المربحة، مشيرا إلى أن “الزرع” لا يشغل الناس،.. “الماكينة والتركتور هما اللي كيخدمو، أما الفلاح البسيط فكيجلس”. ودعا إلى إعادة النظر في هذا التصور، إذا كنا نطمح فعلا إلى تنمية القرى وتشغيل الشباب المغربي.
وختم الوزير بالإشارة إلى الرؤية الملكية التي أكد عليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير،.. حين دعا إلى ضمان التزود بالماء الشروب لجميع المغاربة، وتوفير على الأقل 80٪ من احتياجات الفلاحة من الماء. وقال الوزير: “حين نوفر هذه الكمية، نمنح الفلاح تأمينا واستقرارا يمكنه من التخطيط والاستثمار بثقة”.