الأكثر مشاهدة

المغرب يحلق فوق صحرائه… ومدريد تراقب من بعيد

في الوقت الذي تواصل فيه الرباط ومدريد مفاوضاتهما الهادئة حول نقل إدارة المجال الجوي في الصحراء المغربية، يبدو أن المغرب قد حسم جزءا كبيرا من المعركة، على الأقل في ما يخص السيطرة العسكرية على السماء الصحراوية، تاركا للطرف الإسباني هامشا مدنيا ضيقا يتقلص مع الوقت.

هذا ما تؤكده صحيفة “إلكونفيدينسيال” الإسبانية التي كشفت، نقلا عن مصادر داخل شركة الملاحة الجوية الإسبانية “Enaire”، أن القوات المسلحة الملكية المغربية باتت تتحكم بالكامل في حركة الطيران العسكري في أجواء الأقاليم الجنوبية، في حين لا تزال مراقبة الطيران المدني تدار من جزر الكناري.

تحركات مغربية… وسيادة جوية تتشكل

المعطيات لا تقف عند هذا الحد. فالرباط، بحسب تقارير إسبانية متقاطعة، لا تنتظر الضوء الأخضر من أحد، بل تمضي قدما في إجراءاتها الميدانية، إذ شرعت في إقامة مناطق حظر جوي ذات طابع عسكري، وغيرت أسماء ورموز مطارات العيون والداخلة، كما أنشئت أربع مناطق جوية “خطرة” يمنع التحليق فوقها دون ترخيص، وكل ذلك دون العودة إلى مركز المراقبة الإسباني في جزر الكناري.

- Ad -

صحيفة “إل إندبندينتي” بدورها،.. تحدثت عن أن المغرب أصبح يتحكم فعليا في ما بين 15 و20% من المجال الجوي الصحراوي الذي كان تحت إدارة الإسبان، مستندا إلى ذرائع أمنية تتعلق بتدريبات عسكرية واعتبارات استراتيجية.

القلق يتسلل إلى مدريد… وجزر الكناري أول المتضررين

هذا الواقع الجديد يثير ارتباكا في إسبانيا،.. خاصة في جزر الكناري، حيث تتزايد المخاوف من أن تفقد المنطقة امتيازات جوية حيوية تؤثر مباشرة على قطاع السياحة وحركة الطيران المدني. السيناتور خافيير أرماس، أحد أبرز الأصوات المنتقدة، يرى أن ما يحدث هو “تنازل سيادي من الباب الخلفي”،.. متسائلا: هل نحن بصدد خسارة سماء الصحراء تماما لصالح المغرب؟

التخوفات لم تعد حبيسة الكواليس، فقد طرحت رسميا أمام الحكومة الإسبانية في شكل أسئلة برلمانية، كان أبرزها ما قدمه النائب أرماس غونزاليز،.. الذي نبه إلى وجود تحركات داخل وزارة النقل الإسبانية تهدف إلى تسليم خدمات الملاحة الجوية (ATS) إلى المغرب. لكنه لم يتلق أي رد.

صمت مدريد… واستراتيجية مغربية صاعدة

رغم اعتراف الحكومة الإسبانية، في مارس 2023،.. بوجود مفاوضات مع المغرب بشأن إدارة المجال الجوي، إلا أنها تلتزم الصمت إزاء تفاصيل هذه المحادثات، مكتفية بالحديث عن “تنسيق مشترك”. لكن هذا الغموض يزيد من توجس الطبقة السياسية الإسبانية،.. ويعزز انطباعا بأن المغرب يتحرك وفق جدول زمني خاص به،.. لا ينتظر فيه إجماعا أو توقيعا.

في المقابل،.. يبدو المغرب مصرا على تعزيز سيادته الجوية على أقاليمه الجنوبية، ضمن رؤية أوسع تشمل البر والبحر والجو،.. مستفيدا من زخم الاعتراف الأمريكي بسيادته على الصحراء، وتحولات جيواستراتيجية أوسع في المنطقة.

مقالات ذات صلة