الأكثر مشاهدة

حرائق طاطا تكشف هشاشة السياسات البيئية في المغرب المنسي

لم تمض سوى أيام على حريق واحة “فم الحصن”، حتى أطل اللهيب من جديد في واحة “تسكيلت” بقيادة أديس بإقليم طاطا، وكأن النيران قررت أن تعيد سرد المأساة بلغة أكثر قسوة. نار تلتهم، وفلاح يحدق في رماد العمر، وأمل يذوي كما ذوت آلاف أشجار النخيل، في صمت لا تقطعه سوى أصوات المواطنين وهم يطاردون النيران بوسائل بدائية، وبقلوب مملوءة بالخذلان.

في الجنوب المنسي،.. لا تأتي الحرائق كقدر طبيعي فقط، بل كعرضٍ مزمن لفشل السياسات، ونتيجة مباشرة لتقاعس مزمن في حماية موروث طبيعي وتاريخي لا يقدر بثمن. ومثلما تتجدد النيران كل عام، تتكرر معها ذات المطالب: وقاية، تعويض، وكرامة… لكن الجواب الرسمي غالبا ما يكون بطيئا، إن لم يكن غائبا تماما.

وسط هذا الدمار،.. يعلو صوت المجتمع المدني، محاولا تذكير من في يدهم القرار بأن ما يحترق ليس مجرد شجر، بل تاريخ وهوية وسبل عيش. “الحرائق لا تأتي دائما من الطبيعة،.. بل كثيرا ما تشعلها أيد بشرية، إهمالا أو عمدا”، يقول مبارك أوتشرفت،.. رئيس منتدى إفوس للتنمية والديمقراطية، مضيفا أن ما يجري يستدعي دق ناقوس الخطر، ليس فقط من أجل النخيل..، بل من أجل الإنسان الذي يعيش هناك، في مواجهة التهميش والنسيان.

- Ad -

إنها نكبة سنوية،.. ولكنها أيضا امتحان أخلاقي للدولة. فكلما احترقت واحة، احترقت معها أجزاء من العدالة المجالية والإنصاف المناخي. هنا،.. في طاطا، لا يقاس الفقر بالأرقام فقط، بل بعدد الأشجار التي تفقدها الأسر، وبالدموع التي تختلط برماد النخيل كل موسم.

“لسنا نطلب المستحيل”،.. يقول أوتشرفت، “نريد فقط أن تدرك الدولة أن حماية الواحات ليست ترفا بيئيا،.. بل ضرورة تنموية وأمنية”. وأضاف أن المنتدى قد أعد مذكرة ترافعية شاملة، وخاض معارك ميدانية وإعلامية من أجل كرامة السكان، دون أن يجد إلا آذانا مثقلة بالبيروقراطية.

مقالات ذات صلة