الأكثر مشاهدة

“غادي نخرج يا حي يا ميت”.. سكان درب البلدية ينتفضون في وجه مشروع القطار الجهوي

في قلب العاصمة الاقتصادية، وتحديدا بمنطقة درب البلدية بتراب مقاطعة مرس السلطان، يعيش العشرات من الأسر حالة غير مسبوقة من القلق والارتباك، بعد اقتراب جرافات الهدم من مساكنهم، تنفيذا لمشروع القطار الجهوي السريع الذي يمر من المنطقة.

الحي الذي عاش فيه الناس لعقود، وتحول إلى موطن أجيال، بات اليوم مهددا بالإزالة دون وضوح للرؤية أو بدائل سكنية تضمن الكرامة والمعيش اليومي.

حسب إفادات سكان الحي، فإن السلطات المكلفة بالمشروع عرضت تعويضات وصفت بـ”المهينة”، حيث اقترحت 5000 درهم للمتر المربع، رغم أن المنطقة نفسها تعرف معاملات عقارية تتجاوز 50 ألف درهم للمتر، فيما وصلت تقييمات ضريبية سابقة لذات العقارات إلى 400 ألف درهم.

- Ad -

السكان لا يعارضون المصلحة العامة ولا المشروع التنموي الذي أطلقته الحكومة، لكنهم يطالبون فقط بما وصفوه بـ”الحق في البديل العادل”، رافضين أن يتم تهجيرهم إلى المجهول أو رميهم في الشارع دون سكن بديل أو تعويض يغطي حتى إيجار مؤقت.

صوت نساء الحي: “ما عندنا فين نمشيو”

في شهادات مؤثرة، عبرت نساء من سكان الحي عن مخاوفهن من فقدان مأوى عاشوا فيه عقودا. “أنا بنت 1961، تزوجت هنا، ولادي كبروا هنا، فين غنمشي؟”، تقول إحدى النساء. وأضافت أخرى: “ماشي كلشي عندو دار، كاينين اللي عايشين مع الوالدين، وكاينين الأرامل والمطلقات.. الناس غادي يضيعوا”.

ورغم التحذيرات المتكررة من السكان، تستمر الشائعات عن قرب مباشرة عملية الهدم، بل ووردت أخبار تفيد بقرب حضور أطقم فنية من جنسيات أجنبية لتنفيذ الأشغال دون استشارة الساكنة أو حتى عرض بدائل واضحة.

من خلال المعطيات التي حصلت عليها “آنفا نيوز”، فإن لجان معاينة تضم ممثلين عن السلطات المحلية، الضرائب، المحافظة العقارية، ومكتب دراسات خاص، دخلت بعض المنازل وقامت بأخذ قياسات دون تقديم أي تصور مستقبلي، ولا معلومات كافية حول إعادة الإسكان أو التعويضات النهائية.

السكان يطالبون اليوم بلقاء مباشر مع مسؤولي شركة السكك الحديدية، من أجل التوصل إلى حل يوازن بين إنجاح المشروع الوطني من جهة، وحماية حقوق المواطن من جهة أخرى.

الرسالة واضحة: لا أحد ضد التقدم ولا ضد مشاريع التنمية التي تعود بالنفع على البلاد. لكن التقدم الحقيقي، كما يؤكد سكان درب البلدية، لا يمكن أن يتم على أنقاض مساكن الفقراء، ولا على حساب كرامة من عاشوا عمرهم كله في نفس الزقاق، وصنعوا حياة كاملة من ذكريات وجدران متواضعة.

الحكومة اليوم مطالبة بالتدخل العاجل، قبل أن تتحول الجرافات إلى فوهات غضب قد لا يمكن احتواؤها. فحين تختفي العدالة من مشاريع التنمية، تتحول المشاريع الكبرى إلى مآسي إنسانية بصمت رسمي.

مقالات ذات صلة