تصاعد التوتر في قلب المدينة القديمة بسيدي بليوط، وسط مقاطعات آنفا بالدار البيضاء، بعد شروع السلطات المحلية في خطوات تنفيذ قرارات الهدم والترحيل دون تقديم تعويضات واضحة أو بدائل سكنية تضمن كرامة المتضررين.
شرعت السلطات المحلية، بقيادة قائد الملحقة الإدارية وبتعليمات من عمالة آنفا، في عقد لقاءات مباشرة مع قاطني البنايات القديمة وشاغلي المحلات التجارية. هذه الجلسات التي اتخذت طابعا “تواصليا”، تهدف إلى إقناع السكان والتجار بمغادرة الأمكنة تمهيدا لعملية الهدم، خصوصا وأن بعض البنايات أدرجت سابقا في لوائح الخطر.
وبحسب المعطيات التي توصلت بها “آنفا نيوز”، فإن عددا من العائلات تم منحها مهلة إلى غاية نهاية الموسم الدراسي الحالي قبل تنفيذ الترحيل، في محاولة للتخفيف من تأثير القرار على الأطفال المتمدرسين بمؤسسات تعليمية وسط المدينة. فيما طلب من فئات أخرى تجهيز الوثائق بسرعة، تمهيدا لانطلاق عمليات الإفراغ والهدم.
غموض يلف مصير السكان
لكن هذه التحركات لم تمر دون احتجاج. إذ عبرت فعاليات مدنية وحقوقية بسيدي بليوط عن استيائها من غياب تصور واضح لحل هذا الملف المعقد، محذرة من أن الخطوة تهدد النسيج الاجتماعي داخل المدينة القديمة، وتسهم في تفكيك الروابط المجتمعية. بعض المتابعين اعتبروا أن ما تقوم به السلطات لا يعدو أن يكون “مناورة لتفتيت وحدة المتضررين”، دون تقديم بدائل حقيقية تحفظ لهم السكن والعمل.
من جهة أخرى، علمت الجريدة أن السلطات رفضت تسلم نسخة من طعن قضائي تقدمت به أسرة المقاوم الراحل عبد السلام المانوزي ضد قرار هدم عمارة سكنية تأوي عدة أسر. المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، التي تنظر في هذا الملف، قررت تأجيل البت فيه إلى الأسبوع المقبل لإشعار باقي الأطراف.
أما في صفوف السكان، فتتداول بعض العائلات فكرة تشكيل تنسيقية للدفاع عن حقوق المتضررين، خاصة في ظل المخاوف المتزايدة من تنفيذ قرارات الهدم دون تعويضات أو إعادة إسكان، ما قد يفتح الباب أمام موجة من التشريد وسط واحدة من أقدم مناطق العاصمة الاقتصادية.
يشار إلى أن المدينة القديمة بالدار البيضاء تشهد منذ سنوات مشاريع ترميم وإعادة هيكلة، لكن غياب الوضوح في التعامل مع الساكنة يثير تحفظات كثيرة حول طرق تنزيل هذه البرامج.