أطلق زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، إبراهيم غالي، تصريحا أثار موجة سخرية واسعة حين قال: “لست مغربيا… ولن أكون مغربيا”. كلامه بدا، في ظاهره، محاولة للتماسك السياسي بعد صفعة مجلس الأمن الأخيرة، لكنه في العمق اعتراف صريح بالعجز وفقدان البوصلة.
قرار مجلس الأمن الأخير أعاد تأكيده الواضح: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الواقعي والوحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء. وهنا ظهر غالي مرتبكا، كمن تلقى ضربة موجعة أخرجته عن طوره. فبدل أن يقرأ المتغيرات بعقلانية، فضل الاحتماء بشعارات متآكلة، لم تعد تقنع حتى المقربين منه.
الطريف أن الرجل يتحدث وكأن المغاربة ينتظرون منه قرارا مصيريا بالانضمام إلى وطنهم، في حين أن الحقيقة أوضح من ذلك؛ المغرب ماض بثبات في تنمية أقاليمه الجنوبية، التي أصبحت نموذجا للاستقرار والتطور الاقتصادي، بينما يعيش غالي في عزلة سياسية تتآكل يوما بعد يوم.
اليوم، تتصدر الكفاءات الصحراوية المشهد داخل المؤسسات الوطنية، وتشارك فعليا في صناعة القرار، فيما يظل زعيم البوليساريو عالقا بين سراب الشعارات القديمة وواقع متغير لم يعد يعترف بوهم “الجمهورية المزعومة”.
يدرك غالي أن الاعتراف بمغربية الصحراء يعني نهاية حياة الرفاه التي ينعم بها من دعم الجزائر السخي. فبين إقاماته في الفنادق الأوروبية وجولاته الإعلامية الفارغة، يختار الاستمرار كـ“لاجئ سياسي مدلل” بدل أن يكون مواطنا مغربيا شامخا بين أبناء وطنه.
لكن لكل ورقة صلاحية، ويبدو أن ورقة “بن بطوش” قد احترقت أخيرا. فحين تنتهي مصلحته لدى صناع الوهم في الجزائر، لن يجد أمامه سوى المنصات الرقمية يتسكع بينها باحثا عن جمهور جديد يصفق له على “لايفات التيك توك”.
لقد انتهى زمن الوهم، وبقي المغرب وحده واقفا بثبات، بوحدته الترابية وبإيمانه الراسخ أن الصحراء مغربية… كانت وستبقى إلى الأبد.


