شهد ميناء الدار البيضاء حدثا استثنائيا يوم الأربعاء 3 يوليوز، باستقبال السفينة الشراعية الروسية الشهيرة “كروزنشتيرن”، التي رست على رصيفه ضمن محطة من رحلتها الطويلة نحو السواحل الإفريقية، وذلك في إطار مبادرة ثقافية وإنسانية تنظمها روسيا تحت اسم “البعثة الإفريقية الكبرى”.
الزيارة التي نظمتها سفارة روسيا بالمغرب بتنسيق مع الهيئة الفيدرالية الروسية للصيد البحري، تحولت إلى لحظة احتفال رمزي جمعت بين الدبلوماسية والثقافة والهوية البحرية. وعلى متن السفينة، التي تعد من أضخم وأعرق السفن الشراعية في العالم، نظمت فعاليات متعددة بحضور مسؤولين مغاربة ودبلوماسيين وشخصيات مدنية، أتيحت لهم فرصة اكتشاف هذا الصرح البحري الذي يقاوم الزمن منذ عقود.
“كروزنشتيرن” ليست مجرد سفينة تدريب، بل مؤسسة تعليمية متنقلة. أشرعتها تحولت إلى فصول للتكوين البحري، وأسلاكها إلى أدوات تأهيل لجيل جديد من البحارة والمتخصصين في الملاحة. الرحلة الحالية تضم أكثر من 140 متدربًا، من بينهم 13 طالبا من دول عربية وإفريقية، بينها المغرب ومصر، إلى جانب كوبا وكازاخستان.
تجربة هؤلاء الطلبة ليست تقنية فقط، بل تنهل من قيم التعايش والحوار بين الحضارات، في ظل برنامج تكويني يشجع على التبادل الثقافي وتعزيز قيم الصداقة بين الأمم.
وفي كلمته على متن السفينة، قال السفير الروسي بالرباط، فلاديمير بايبكوف، إن “كروزنشتيرن” لا تبحر فقط عبر المحيطات، بل تعبر القارات من أجل بث رسائل السلام والتفاهم بين الشعوب، مؤكدا أن هذه السفينة تمثل رمزا عالميا للحوار المفتوح.
رحلة بحرية بروح تاريخية
تحمل “كروزنشتيرن” في هذه الجولة ذكرى مرور ثمانين سنة على الانتصار في الحرب الوطنية العظمى، وقد شملت رحلتها موانئ بارزة في كل من أكادير، كيب تاون، بورت لويس، وصولا إلى الدار البيضاء، حيث يتوقع أن تواصل إبحارها نحو محطات جديدة في إفريقيا والعالم.
بنيت في الثلاثينيات من القرن الماضي، وصمدت أمام تقلبات السياسة والطقس، لا تزال “كروزنشتيرن” ترفع أشرعتها لتروي للعالم قصة بحرية عنوانها الإيمان بالتقارب والتعاون. وعلى متنها، يعيش الطلاب تجربة إنسانية قبل أن تكون ملاحية، يكتشفون فيها العالم، ويعيدون رسم خريطة العلاقات بين الشعوب على قاعدة الاحترام المتبادل.