اهتز حي سيدي البرنوصي بالدار البيضاء، زوال الثلاثاء 28 أكتوبر الجاري، على وقع حادثة مأساوية أثارت ذهول الساكنة والرأي العام، بعدما أقدم رجل يبلغ من العمر 44 سنة، من ذوي السوابق القضائية، على اقتحام مكتب محام والاعتداء على كاتبته بالعنف، في واقعة كادت أن تتحول إلى جريمة اغتصاب.
التحقيقات الأولية التي باشرتها مصالح الأمن بالمنطقة، أكدت أن الجاني استغل خلو المكتب من المحامي، ليهاجم الشابة التي تعمل مستخدمة بالمكتب، مستعملا سكينا في تهديدها وتكبيلها، قبل أن يسلبها هاتفها المحمول ويحاول الفرار من نافذة خلفية.
وفور تلقيها الشكاية، باشرت الشرطة بحثا قضائيا عاجلا أسفر عن توقيف المشتبه فيه بعد ساعات قليلة فقط من وقوع الجريمة. وقد تم وضعه رهن تدبير الحراسة النظرية بإشراف النيابة العامة المختصة، قصد تعميق البحث وكشف جميع تفاصيل الواقعة ودوافعها.
غير أن المعطيات التي ظهرت لاحقا كشفت وجها آخر للقضية؛ إذ تبين أن المشتبه فيه سبق أن ظهر في مقطع فيديو يناشد الحكومة مساعدته على العلاج من اضطرابات نفسية كان يعاني منها، دون أن يجد أي تجاوب. مصادر مقربة من الجاني أكدت أنه كان يسعى، بشكل يائس، إلى “دخول السجن” كملاذ يوفر له علاجا أو استقرارا، بعد أن تخلى عنه الجميع.
هذه الحادثة الصادمة تفتح من جديد النقاش حول ضعف الرعاية النفسية والاجتماعية بالمغرب، وغياب آليات حقيقية لمواكبة الأشخاص الذين يعانون من أمراض عقلية أو اضطرابات سلوكية، قبل أن يتحولوا إلى خطر على أنفسهم وعلى المجتمع.
شهود عيان تحدثوا عن مشهد مرعب داخل المكتب، حيث تم العثور على الضحية مكبلة اليدين ومصدومة نفسيا، فيما تدخلت عناصر الأمن بسرعة لاحتواء الموقف. وقد خلف الحادث موجة استنكار واسعة في صفوف ساكنة المنطقة والعاملين في المكاتب المجاورة، الذين طالبوا بتعزيز الحماية الأمنية في المؤسسات المهنية.
القضية، وإن كانت ذات طابع جنائي، إلا أنها تكشف مأساة إنسانية أعمق، تتعلق بالإهمال الصحي والاجتماعي الذي يعاني منه عدد من المواطنين، والنتائج الكارثية التي قد تترتب عن تجاهل نداءات الاستغاثة.


