الشريط الحدودي الشاسع الذي يفصل موريتانيا عن الجزائر، خيم صمت الرمال، إلا من حركة وحدات عسكرية تتحرك بخفة ولكن بثبات. تعزيزات جديدة دفع بها الجيش الموريتاني إلى الشمال الشرقي، حيث الصحراء الممتدة تقف شاهدة على تاريخ من التحالفات والتوترات العابرة للحدود.
الصور القادمة من هناك لم تحمل مشاهد الدبابات أو الأرتال العسكرية الثقيلة، بل همسات المراقبين الذين التقطوا ملامح إعادة انتشار قد تبدو «روتينية»، لكنها تعيد إلى الأذهان سؤالا قديما: هل الحدود آمنة فعلا، أم أن موريتانيا تستعد لقراءة جديدة في كتاب التوازنات الجيوسياسية؟
وفي أول تعليق رسمي،.. خرج الناطق باسم الحكومة، الحسين ولد أمدو، ليطمئن: «الحوزة الترابية للبلاد مؤمنة بشكل كامل من طرف القوات المسلحة، ولا يوجد أي جزء من الأراضي الموريتانية خارج نطاق السيادة الوطنية». كلمات واضحة لكنها لم تطفئ نيران التأويلات. فالصحراء لا تعرف اليقين، وغياب بيان عسكري مفصل ترك الباب مواربا أمام تساؤلات المتابعين.
المناطق الحدودية الشمالية الشرقية لموريتانيا ليست مجرد خطوط على الخريطة،.. بل شرايين جيوسياسية تربط بين مصالح متداخلة: من تحركات الجماعات المسلحة،.. إلى الحضور الرمزي لجبهة البوليساريو في تندوف الجزائرية القريبة،.. وصولا إلى تغير موازين القوى بعد انسحاب بعثة الأمم المتحدة من مالي. هذا الامتداد الرملي ليس فقط بوابة أمنية، بل مسرحا لمعادلات معقدة.