وسط سياق عالمي يطغى عليه تقلب سلاسل التوريد وتهديدات الأمن الغذائي، يستعد المغرب لاستقبال أول شحنة من القمح الكازاخي، في خطوة غير مسبوقة نحو تنويع مصادر التزود بالحبوب.
انطلقت الشحنة الضخمة، المقدرة بـ60 ألف طن من القمح من الدرجة الثالثة والرابعة،.. يوم 30 أبريل 2025 من محطتي زانا-يسيل وساريكول بكازاخستان، قبل أن تشحن بحرا عبر ليتوانيا في اتجاه الموانئ المغربية. وتعتبر هذه العملية الأولى من نوعها في تاريخ المبادلات التجارية بين الرباط وأستانة، مما يفتح الباب لتعاون استراتيجي جديد بين البلدين.
لماذا كازاخستان؟ ولماذا الآن؟
على الرغم من تسجيل المغرب لارتفاع بنسبة 62% في إنتاج الحبوب سنة 2024، ليبلغ 5.5 ملايين طن، فإن هذا الرقم يظل بعيدا عن تغطية حاجيات السوق الوطنية،.. التي تواجه ضغطا متزايدا بفعل ارتفاع الاستهلاك والتقلبات المناخية. من هنا جاء التحرك نحو أسواق جديدة،.. خارج دائرة المزودين التقليديين كفرنسا وكندا وأوكرانيا.
في المقابل، شهدت كازاخستان، وهي أكبر مصدر للحبوب في آسيا الوسطى، أكبر محصول لها منذ 13 سنة،.. حيث تجاوز إنتاجها 26.7 مليون طن من الحبوب خلال سنة 2024. وفائض هذا الإنتاج أتاح لها ولوج أسواق غير تقليدية، وعلى رأسها شمال إفريقيا.
السلطات الكازاخية أكدت نيتها تصدير أزيد من 300 ألف طن من القمح نحو منطقة شمال إفريقيا قبل نهاية الموسم التجاري الحالي، ما يجعل المغرب أحد أبرز المستفيدين من هذا التحول في بوصلة التجارة الزراعية الكازاخية.
وتنسجم هذه المبادرة مع استراتيجية الرباط لتعزيز الأمن الغذائي الوطني، من خلال توقيع شراكات متنوعة،.. وتوسيع خارطة التوريد لتشمل دولا جديدة قادرة على ضمان استمرارية التدفق،.. حتى في أوقات الأزمات الجيوسياسية أو المناخية.