الأكثر مشاهدة

لماذا لا يفهم الرجل أسباب طلاق المرأة؟.. خلف ستار “السبب السطحي”

في العلاقات الزوجية، يلاحظ أن المرأة غالبا ما تقدِم على الطلاق بعد فترة طويلة من التردد والتفكير العميق، بينما قد يتخذ الرجل قراره بشكل مفاجئ أو استجابة لموقف محدد. هذه الفجوة في طريقة التعامل مع الانفصال تثير تساؤلات حول الاختلافات النفسية بين الجنسين في هذا السياق.

قرار الطلاق عند المرأة: نهاية لاستنزاف طويل

يؤكد خبراء علم النفس أن المرأة لا تتخذ قرار الطلاق بين ليلة وضحاها، بل هو نتيجة فترة طويلة من التفكير، والتردد، والتعرض المستمر لضغوط عاطفية. المرأة غالبا ما تستمر في العلاقة رغم إحساسها بعدم الرضا، على أمل أن تتحسن الأمور.

- Ad -

لكنها عندما تصل إلى قناعة بأن التغيير غير ممكن، تبدأ في الانفصال العاطفي التدريجي، حتى وإن استمرت ظاهريا في العلاقة. وعند لحظة التنفيذ، يبدو وكأنها اتخذت القرار فجأة، لكنه في الحقيقة نتاج شهور أو حتى سنوات من الاستنزاف العاطفي.

لماذا قد تبدو أسباب الطلاق غير واقعية؟

من الناحية النفسية، يلاحظ أن المرأة عند اتخاذها قرار الطلاق، تكون قد مرت بمرحلة طويلة من الاستنزاف العاطفي والتفكير العميق. وعليه، قد لا يكون السبب الذي تقدمه عند إعلان الطلاق هو السبب الحقيقي وراء اتخاذها لهذا القرار. في كثير من الأحيان، يكون هذا السبب ما يعرف بـ “التبرير السطحي” أو “السبب الظاهري”، مثل خلاف عابر أو تصرف غير مبرر من الزوج في لحظة معينة.

لكن الحقيقة هي أن هذا السبب ليس سوى القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ أن المشكلة تكمن في تراكمات نفسية وعاطفية طويلة الأمد تتراوح بين الإهمال العاطفي، غياب التواصل، وانعدام التقدير والاحترام. من منظور علم النفس، يمكن فهم هذا السلوك على أنه آلية دفاعية لا واعية. حيث تلجأ المرأة إلى اختلاق سبب ملموس ومقبول اجتماعيا لتبرير قرار الطلاق. هذا يساعدها على تخفيف التوتر الداخلي الناتج عن الشعور بالذنب أو الاضطراب الناتج عن الانفصال.

ففي ظل الضغوط الاجتماعية والثقافية التي تفرض على المرأة عدم اتخاذ قرار الطلاق إلا في حالات “مقنعة”، تصبح الحاجة لتوفير مبرر مقبول أمرا نفسيا بالغ الأهمية.

الرجل واتخاذ القرار المفاجئ

على العكس من ذلك، يلاحظ أن الرجل في كثير من الحالات لا يفكر في الطلاق كخيار إلا عند وقوع مشكلة كبيرة أو موقف لا يحتمل التسامح. الرجل قد يميل إلى تجاهل المشاكل المتراكمة أو تأجيل مواجهتها، ما يجعله يبدو وكأنه لا يلاحظ التدهور التدريجي للعلاقة.

وعندما يتخذ الرجل قرار الطلاق، فإنه غالبا يكون مباشرا وحاسما، دون المرور بمرحلة التردد الطويلة التي تعيشها المرأة. وهذا ما يجعل انفصاله يبدو أكثر فجائية، رغم أنه قد يكون متأثرا بعوامل لم يتم التعبير عنها صراحة خلال العلاقة.

اختبار الشريك قبل الطلاق.. خطوة أخيرة قبل الحسم

في بعض الحالات، قد لا ترغب المرأة في الطلاق فعليا، لكنها تستخدم التهديد بالانفصال كاختبار لمعرفة مدى تمسك الزوج بها. إذا لم يظهر رد فعل قويا أو لم يحاول إصلاح العلاقة، فإنها تفسر ذلك على أنه موافقة ضمنية على نهاية الزواج، مما يدفعها إلى تنفيذ القرار.

اختلاف ردود الفعل بعد الطلاق: لماذا تتعافى المرأة أولًا ويصدم الرجل لاحقا؟

بعد الطلاق، تختلف طريقة تعامل الرجل والمرأة مع الانفصال بشكل كبير، ويرجع ذلك إلى الفروقات النفسية في كيفية اتخاذ القرار والتعامل معه عاطفيا.المرأة تبدأ بالتعافي قبل الطلاق في كثير من الحالات، عندما تطلب المرأة الطلاق، تكون قد عاشت مرحلة طويلة من الاستنزاف العاطفي، ما يعني أنها بدأت بالفعل في الانفصال نفسيا عن العلاقة قبل فترة من التنفيذ الرسمي.

غالبا ما تكون قد مرت بمراحل الحزن، وخيبة الأمل، وفقدان الأمل في إصلاح العلاقة، مما يجعلها أكثر استعدادا للتعامل مع تبعات القرار. حين يتم الطلاق فعليا، يكون الجزء الأصعب من الناحية العاطفية قد مضى بالنسبة لها، لذلك قد تظهر أكثر تماسكا أو حتى سعيدة أحيانا، لأنها تشعر بالتحرر من علاقة كانت تستنزفها. بالنسبة للمجتمع، قد يبدو أن المرأة قد تجاوزت الطلاق بسرعة، لكنها في الواقع مرت بكل مشاعر الفقدان قبل الانفصال الفعلي.

الرجل يواجه الصدمة بعد الطلاق

على العكس، فإن الرجل قد لا يشعر بآثار الانفصال مباشرة، بل يتعامل معه بصورة مؤجلة، وهذا يرجع إلى عدة أسباب:

في الغالب، لا يكون الرجل قد فكر في الطلاق لفترة طويلة مثل المرأة، ولم يعش نفس المرحلة من التأقلم النفسي التدريجي مع فكرة الفقدان. عندما يحدث الطلاق، قد لا يدرك فورا حجم الفراغ العاطفي الذي ستتركه الزوجة، خاصة إذا لم يكن مستعدا نفسيا لفكرة العيش بدونها.

في البداية، قد يبدو الرجل أكثر استقرارا أو حتى غير مبالٍ، لكنه مع مرور الوقت قد يبدأ في الإحساس الحقيقي بالوحدة أو الندم أو حتى الصدمة العاطفية.

الفرق في نظرة المجتمع: لماذا يبدو وكأن الرجل يتجاوز الطلاق بسهولة؟

هناك فكرة شائعة بأن الرجل يستطيع بدء حياة جديدة بسهولة بعد الطلاق، بينما تعاني المرأة أكثر، لكن هذه النظرة قد تكون سطحية وغير دقيقة. الرجل قد يدخل في علاقات جديدة بسرعة، لكنه لا يعني بالضرورة أنه تجاوز الطلاق، بل قد تكون محاولة لتعويض الفقدان العاطفي أو الهروب من مواجهة المشاعر الحقيقية.

المرأة من ناحية أخرى، حتى إن لم تدخل في علاقة جديدة، تكون قد أنهت رحلة التعافي الداخلي مبكرا، مما يجعلها أكثر استعدادا للانتقال إلى مرحلة جديدة من حياتها.

من الناحية الاجتماعية، ينظر إلى الرجل على أنه أقل تأثرا لأنه لا يظهر مشاعره بنفس الطريقة، بينما عندما تحاول المرأة تجاوز الطلاق، قد تواجه أحكاما اجتماعية قاسية تجعل الأمر يبدو أصعب بالنسبة لها.

ختاما الطلاق ليس مجرد قرار قانوني، بل هو عملية نفسية معقدة تختلف بين الرجل والمرأة. ففي حين تعيش المرأة استنزافا طويلا قبل اتخاذ القرار، قد يكون قرار الرجل أكثر حسما ومباشرة. لكن الفارق الحقيقي يظهر بعد الطلاق، حيث تكون المرأة قد مرت بمراحل التأقلم النفسي مسبقا، بينما يبدأ الرجل في مواجهة تداعيات الانفصال بشكل متأخر، مما يجعل التجربة مختلفة جذريا لكل طرف.

مقالات ذات صلة