رغم الجفاف المستمر للسنة الثالثة على التوالي، يواصل المغرب تحقيق أرقام قياسية في تصدير الخضر والفواكه، متصدرا قائمة مصدري الطماطم إلى الاتحاد الأوروبي، متفوقا على إسبانيا. ولكن، هل يمكن اعتبار هذا التحول إنجازا في ظل التحديات المائية والتضخم الاقتصادي الذي يعاني منه المواطنون؟
أرقام قياسية وسط أزمة
وفقا لبيانات “هورتو أنفو” وتحليلات “أوروستات”، بلغت صادرات المغرب من الطماطم إلى الاتحاد الأوروبي في الربع الأول من عام 2024 أكثر من 210 ملايين كيلوغرام، ما يمثل 30.61% من الإجمالي، بزيادة 13.78 مليون كيلوغرام مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023. في المقابل، سجلت إسبانيا، التي كانت تحتل الصدارة تقليديا، حجم صادرات بلغ 176.5 ملايين كيلوغرام، بنسبة 25.7% من الإجمالي.
إقرأ أيضا: أزمة الطماطم تهز أسواق المغرب: المواطن يمول بضرائبه برامج فلاحية وهؤلاء المستفيدون !
على الرغم من هذا الإنجاز التجاري، يواجه المغرب تحديات اقتصادية داخلية. ارتفعت أسعار الطماطم في الأسواق الوطنية بشكل ملحوظ، حيث تراوح سعر البيع بالتقسيط بين 9 و10 دراهم للكيلوغرام، ما يشكل عبئاً إضافياً على القدرة الشرائية للمواطنين.
سؤال الجدوى الاقتصادية والاجتماعية
تشير البيانات إلى انخفاض كمية الطماطم المشتراة من قبل دول الاتحاد الأوروبي بنسبة -14.18% مقارنة بعام 2023، مما يطرح تساؤلات حول جدوى التركيز على تصدير الطماطم في ظل تقلبات السوق العالمية. فالتحول إلى أكبر مصدر للطماطم يأتي على حساب الاستهلاك المحلي، مما يرفع الأسعار ويزيد من معاناة المواطنين.
يأتي هذا النجاح التصديري في وقت يعاني فيه المغرب من جفاف مستمر للسنة الثالثة على التوالي،.. مما يضع ضغوطا هائلة على الموارد المائية. يتطلب زراعة الطماطم كميات كبيرة من المياه، وهو ما يثير تساؤلات حول استدامة هذا النموذج الزراعي. في ظل هذه الظروف، هل يمكن للمغرب تحمل تكاليف الموارد المائية اللازمة لتلبية الطلب الأوروبي مع الحفاظ على توازن السوق المحلية؟
التضخم والقدرة الشرائية
ارتفاع أسعار الطماطم ومنتجات زراعية أخرى في الأسواق الوطنية يعكس ضغوط التضخم التي تواجهها البلاد. فقد أدت الزيادة في أسعار السلع الأساسية إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين،.. مما يزيد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية. فهل يمكن اعتبار زيادة الصادرات إنجازا إذا كانت تأتي على حساب الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي؟
وفقا لخبراء، فإنه يجب على الحكومة المغربية التفكير في استراتيجية شاملة توازن بين الأهداف التجارية والحاجات المحلية. قد يكون من الضروري إعادة النظر في السياسات الزراعية والتركيز على تطوير تقنيات الزراعة المستدامة التي تقلل من استهلاك المياه وتعزز الأمن الغذائي الداخلي.
رغم الإنجازات التي يحققها المغرب في مجال تصدير الطماطم، يجب النظر بعمق في التحديات المصاحبة لهذا النجاح. الجفاف المستمر وارتفاع أسعار المواد الغذائية يشكلان تحديات حقيقية تتطلب حلولا مبتكرة ومتوازنة. التحول إلى أكبر مصدر للطماطم يجب أن يأتي مع استراتيجيات تضمن الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية،.. لضمان استفادة جميع فئات المجتمع من هذا النجاح.